يشكل الفكر التكفيري احد اخطر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية عموما والمجتمع الاردني خصوصا، لما يحمله هذا الفكر من نزعة عدوانية تقوم على اقصاء الآخر وتكفيره واستباحة حقوقه، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة الاردنية في التصدي للتطرف، الا ان استمرار ظهور حالات فردية او مجموعات صغيرة، كما حدث مساء امس الثلاثاء في الرمثا، والتي تصدق لها الأجهزة الامنية بحرفية عالية، واحبطت في مكانها .
الفكر التكفيري يقوم على تفسير ضيق ومشوه للدين، ويعتمد على تخوين المجتمع والدولة والعلماء، ورفض القوانين واعتبار كل من يختلف مع هذا الفكر مرفوض، وهذه المفاهيم المنحرفة لا تمت لتعاليم الاسلام المعتدل بصلة، بل تستغله لتحقيق غايات عنيفة تهدد المجتمع .
ويبرز خطر هذا الفكر في مسارات متعددة منها دفع بعض الشباب الى العزلة والعداء للمجتمع، ما قد يقود الى سلوكيات متطرفة او اعمال عنف، وخلق بيئة للتوتر والخوف بين المواطنين، من خلال زعزعة الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة كما ويقوم على استغلال الجماعات المتشددة لحالات الفقر والبطالة والجهل لاستقطاب بعض الافراد .
الاردن القوي تعامل خلال السنوات الماضية مع حوادث عديدة مرتبطة بالعناصر التكفيرية، وهو ما يثبت ان هذا الفكر لا يزال يحاول الوجود رغم محدوديته، وقامت قواتنا المسلحة الاردنية؛ جيش ومخابرات وامن عام بدور كبير في حماية المجتمع.
وهنا لا ننسى المواجهة الفكرية التي تقل اهمية عن المواجهة الامنية، فالمدارس والجامعات والمساجد والاعلام كلها مؤسسات معنية ببناء عقلية واعية قادرة على التفريق بين الدين الصحيح والتأويلات المتشددة.
حماية المجتمع الاردني من خطر الفكر التكفيري تتطلب عملا تشاركيا شاملا، يبدأ من الاسرة وينتقل الى المؤسسات التعليمية والدينية، ويصل الى صناع القرار، فالمعركة ليست امنية فقط، بل فكرية وثقافية وتوعوية في آن واحد.
وفي الوقت الذي يشهد العالم تغيرات سريعة وصراعات فكرية، يبقى الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وولي عهده الامين،يعظم قيم الاعتدال والوسطية التي عرف بها عبر تاريخه، فهذه القيم هي السد الحقيقي الذي يمنع الفكر المتطرف من التسلل، ويحافظ على وحدة المجتمع واستقراره.