لم تكن الأمطار غزيرة إلى الحدّ الذي يبرّر هذا المشهد، لكنها كانت كافية لتكشف المستور في معظم مدن المملكة وبلداتها. دقائق قليلة من الهطول كشفت أن الجاهزية التي تتحدث عنها وزارة الإدارة المحلية والبلديات لا وجود لها على الأرض، وأن البنية التحتية ما تزال أضعف من أن تواجه موسماً نعرف موعده جيداً.
شوارع امتلأت بالمياه بسرعة، مركبات تعطلت، وأنفاق غُمرت، وتكررت الفوضى ذاتها التي نراها كل عام. وفي الزرقاء، جرفت السيول حافلة كاملة، ولولا أنها كانت خالية لتحولت الحادثة إلى مأساة. كل ذلك بينما البلديات تكتفي بالتصريحات العامة التي لا تمنع الغرق ولا توقف الضرر.
الناس تسأل: أين الاستعداد الحقيقي؟ أين الفرق الميدانية التي يُقال إنها جاهزة؟ وأين المشاريع التي تُنفق الملايين ولا تصمد أمام أول اختبار؟
ووسط هذا كله، يطل مشهد مألوف آخر: شركات التأمين التي تختفي حين يقع الضرر، وتعود فقط حين يحين وقت التحصيل. المواطن يخسر سيارته وممتلكاته، ثم يُقال له: "الحالة مستثناة”.
الأمطار لم تكن المشكلة… المشكلة في إدارةٍ لا تتعلم من أخطائها، وفي بنية تحتية تحتاج إصلاحًا قبل أن تغرق مرة أخرى. والمواطن، كالعادة، هو من يدفع الثمن.
فهل يسمع أحد قبل أن تنكشف المستور من جديد مع أول غيمة قادمة؟