السردية الأردنية… حين تتحدث الثورة ويكتمل صوت الدولة كما يؤكد سموّ ولي العهد


باسم عارف الشوره 

في زمن تتراكم فيه الروايات وتتنازع فيه الذاكرة، يطلّ صوت سموّ ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم ليضع البوصلة في مكانها الصحيح، مؤكّدًا أن للأردن قصة تستحق أن تُروى كما هي، لا كما يُراد لها أن تُقال. السردية الأردنية ليست مجرد ملف تاريخي، بل هي هوية وطن ومسار دولة بدأت شرارتها من ميادين الثورة العربية الكبرى، تلك اللحظة التي أعادت للعرب معنى النهضة والكرامة، وأطلقت مشروعًا نهضويًا حمل الهاشميون رايته، فكان الأردن أول تجسيد حيّ لتلك الروح.

من تلك الثورة التي انطلقت من صهيل الخيول وأحلام الوحدة العربية، تشكّلت الملامح الأولى للدولة الأردنية الحديثة. حمل الهاشميون قيمها الأصيلة من حرية وشرف ووفاء، وجاء الأردنيون ليجعلوا من تلك القيم أسلوب حياة ومسار بناء. وبين الثورة الكبرى وبداية الدولة، لا توجد مسافة زمنية بقدر ما توجد لحظة وعي متصلة أجمع فيها الأردني على أن هذا الوطن أكثر من جغرافيا، وأنه امتداد لفكرة عربية نبيلة تستحق أن تُصان وأن تُعلّم للأجيال.

وهكذا تواصلت الفصول، من معارك الشرف في اللطرون والكرامة وحدّ الدقيق، إلى ساحات البناء التي أوجد فيها الأردنيون لأنفسهم مكانًا بين الأمم، رغم ضيق الإمكانات واتساع التحديات. إنها قصة جندي ظلّ واقفًا عند حدود الوطن لأنه يؤمن أن الأرض تستحق، وقصة مزارع صان ترابها لأن انتماءه أعمق من كل الظروف، وقصة قيادة حملت الراية بصدق، فكان الأردن بلدًا لا ينحني ولا يتردد.

حين يتحدث سموّ ولي العهد عن ضرورة تعليم السردية الأردنية للشباب، فهو لا يستدعي الماضي من باب الحنين، بل من باب الوعي. يريد لشباب اليوم أن يفهموا أن الأردن لم يولد صدفة، وأن الدولة لم تُبنَ بعابر جهد، بل بعرق رجال مرّوا من نار الثورة إلى بناء المؤسسات، وجعلوا من الأردن مشروعًا عربيًا ناجحًا يحظى بالثقة في محيطه والعالم. يريد لهم أن يدركوا أن الهوية الأردنية ليست شعارًا ولا لافتة، بل جذور تمتد من رايات الثورة العربية الكبرى إلى الراية الهاشمية التي ترفرف اليوم بثقة وثبات.

السردية الأردنية ليست صفحات من الماضي فقط، بل هي رؤية للمستقبل. حين يدرك الشباب أنهم امتداد لفرسان الثورة وحماة الحدود وأبناء القيادة التي اختارت دائمًا الإنسان أولًا، يصبح الوطن مشروعًا يوميًا يتجدد مع كل خطوة واعية ومع كل مسؤولية تُحمل بأمانة. إنها رواية تُصنع اليوم كما صُنعت بالأمس، وتُكتب بضمير الشباب كما كُتبت بتضحيات الآباء.

وفي النهاية، تبقى السردية الأردنية روح دولة اختارت أن تبقى واقفة مهما اشتدّ الضجيج حولها. هي رواية الثورة حين بشّرت بالنهضة، ورواية الجيش حين حمى الراية، ورواية القيادة حين لم تغب يومًا عن نبض شعبها. هي الحكاية التي يريد سموّ ولي العهد أن تبقى حاضرة في كل عقل وقلب، حتى يظل الأردن كما أراده المؤسسون وكما يريده الحاضرون: ثابتًا على مبادئه، واثقًا بتاريخه، ومضيئًا بمستقبل يصنعه وعي شبابه.