ولي العهد من الطفيلة: معركة حد الدقيق جزء أصيل من السردية الأردنية ويجب أن تُعلّم للأجيال



باسم عارف الشوره 

في زيارة حملت عمقًا وطنيًا ورسالة تاريخية واضحة، استحضر سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ذكرى معركة حد الدقيق 1918 خلال جولته في محافظة الطفيلة، مؤكدًا أن هذه المعركة تشكل جزءًا أصيلًا من السردية الأردنية التي يجب ترسيخها في وعي الأجيال وتعليمها في المدارس والمنابر الوطنية.

معركة حد الدقيق، التي تُعد إحدى أبرز معارك الثورة العربية الكبرى، جاءت في مرحلة مفصلية بعد تحرير العقبة عام 1917، حين تقدمت قوات الثورة شمالًا لقطع خطوط الإمداد العثمانية. وكانت الطفيلة نقطة حاسمة في هذا المسار، رغم وجود حامية تركية قوامها 150 جنديًا وضابطًا بقيادة زكي الحلبي. لكن موقف الأهالي، بقيادة وجهائهم ورجالاتهم، كان حاسمًا؛ إذ بادروا إلى تسليم البلدة ودعم الثورة، ما سمح بدخول القوات العربية دون قتال في 15 كانون الثاني 1918.

وفي اليوم التالي، وصل الأمير زيد برفقة القائد جعفر العسكري وسرية مشاة ومدفع جبلي، لترسيخ السيطرة وتنظيم شؤون البلدة. وقد ترك وجوده أثرًا خالدًا في الذاكرة المحلية، ما يزال حاضرًا في أسماء المواقع مثل وادي زيد والأميرية، وفي روايات الأهالي الذين يتذكرون إقامته في منطقة عين حاصده وتنقله الدائم على ظهر راحلته، فيما يعرف في التراث بـ "راعي إشداد”.

حديث سمو ولي العهد عن المعركة لم يكن مجرد استذكار تاريخي، بل تأكيدًا على أن هذا الإرث يشكل العمود الفقري للسردية الأردنية؛ تلك السردية التي تجمع بين البطولة والانتماء والوعي الوطني. فالأحداث الكبرى التي عاشها الأردنيون، كما شدد سموه، يجب أن تُدرّس للأجيال، لأنها تمنحهم فهمًا أعمق لهويتهم الوطنية ومسيرة النضال التي بنيت عليها الدولة الأردنية الحديثة.

إن إعادة تسليط الضوء على معركة حد الدقيق ليست مجرد إحياء لذكرى، بل دعوة واضحة للجهات التعليمية والثقافية والإعلامية للعمل على ترسيخ هذه السردية في المناهج والبرامج الوطنية، ليكبر أبناء الأردن وهم يدركون أثر أجدادهم في صناعة تاريخ هذا الوطن.

معركة حد الدقيق ستبقى شاهدًا على شجاعة الطفيلة ودورها في الثورة العربية الكبرى، وذكرى وطنية يجدّد سمو ولي العهد التأكيد على أهميتها في بناء سردية أردنية قوية وواعية تمتد جذورها في التاريخ وتضيء طريق المستقبل.