موضوع خطبة الجمعة الموحدة لا ينقطع الجدل حوله، وكلما أُثير فإنه يفتح نقاشًا وسجالًا عريضًا ما بين مؤيد ومعارض، ومحايد. وأحيانًا ينجرّ الناس وراء سوء فهم في التعليق على خطبة الجمعة الموحدة، وإسراف في التشويش والخطأ في تحريف اتجاهات الخطبة الموحدة. لربما أن تدخل وزارة الأوقاف، وتوحيد مرجعية خطبة الجمعة ضروري ومُلِح، وحتى لا يقع خطباء الجمعة في التشتيت والغموض، والتدخل في موضوعات لا مكان لها في مقاصد الدين والشرعية في بلادنا. التيار المناوئ لخطبة الجمعة الموحدة مقسوم بين مجموعة مُسَيَّسة ولها مرجعيات سياسية ودينية، ومجموعة أخرى منفعلة وغاضبة، وموقفها من الخطبة الموحدة انطباعي وليس مربوطًا بأي أجندات سياسية، ونابع بالأغلب من سخط وغضب الأردنيين من أي خطاب رسمي، ولو كان من منابر المساجد. كل يوم جمعة، أتابع السوشيال ميديا، وما إن تنتهي خطبة الجمعة، ويخرج المصلّون من المسجد، لا ينفكّ الناس عن طرح موضوع خطبة الجمعة بحسن نية أو أجندة سياسية وتنظيمية مُبطّنة. من يحررون ويعدّون خطبة الجمعة بلا شك من أهل علوم الدين وكفاءات علمية وفقهية، ولا يختارون المواضيع بعيدًا عن فقه الدين والدنيا، ومقاصد الشرعية، ورسالة المنبر. والحقل الديني لا مجال للعبث به، ولا مجال لإدخال أصوات مشككة وأصوات مبرمجة سياسيًا، وأصوات تستغل الدين وتوظفه لمجادلات ومساجلات تُشَوِّش على نقاء قلوب وضمائر المؤمنين الطاهرة والنقية، والصافية. من معارضي خطبة الجمعة الموحدة يمسكون بآراء معارضة مغرضة. ولا يراعون أن الناس فطريون، والدين رسالة إيمانية وروحانية، وأن الخطبة في منزلة مقاربة روحانية في الوعظ والإرشاد، وإحياء معايير وقيم الدين في النفس الإنسانية. ضمان حياد المساجد عن السياسة، وحماية خطبة الجمعة من التوظيف والاستغلال السياسي من أهم المواضيع التي تستحق تثبيت وزارة الأوقاف على مسارها وطريقها. وهو خيار في الاستراتيجية الدينية الأردنية له فوائد جمة على الدين والسياسة، والشأن العام. ما دفعني لكتابة هذه السطور، ثمة رأي وموقف من الدين والسياسة لا بد أن يُقال بجرأة نقدية وعلنًا، ويُطرح أمام جمهور الناس والمؤمنين، ويشتبك ليصد ويواجه جمهورًا من أتباع معارضة مُسَيَّسة ومبرمجة، وتحمل أجندة لاستغلال الدين والمسجد، والمؤسسة الدينية. ومرجعيتنا ومعيارنا وقاعدتنا قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: من قال لا إله إلا الله خالصًا ومخلصًا، دخل الجنة.