الأردن أرض الحضارات العظيمة الممتدة عبر آلاف السنين من عمّون ومؤاب وأدوم إلى الأنباط الذين بنوا البتراء وأبدعوا في النحت والهندسة المائية، مرورًا بالرومان الذين شيدوا جرش والعقبة وأم قيس وبنوا طرقًا ومسارح ومعابد أظهرت تقدمهم في الهندسة المدنية، ثم البيزنطيين الذين زخرفوا الكنائس والبيوت في مادبا بفسيفساء فريدة، وصولًا إلى دخول الإسلام المبكر الذي جعل الكرك وجرش وعمان محاور رئيسية، وترك الأيوبية والمملوكية آثار القلاع والفنون المعمارية المذهلة كل هذه الحضارات شكلت إرثًا حضاريًا هائلًا يجعل الأردن كنزًا تاريخيًا وثقافيًا جاهزًا لأن يتحول إلى متحف وطني جامع يعرض تاريخه للعالم بكل فخر واعتزاز
مصر الشقيقة اليوم تفتتح أكبر متحف في العالم تجربة عظيمة تثبت أن التفكير خارج الصندوق يمكن أن يحوّل التاريخ إلى قوة اقتصادية وسياحية هائلة بينما آثار الأردن الموزعة بين المتاحف الأجنبية وعواصم العالم لا تزال تنتظر بيتًا جامعًا يعرضها ويستقطب ملايين الزوار سنويًا ويدعم قطاعات السياحة والفنادق والمطاعم والنقل والحرف اليدوية ويخلق آلاف فرص العمل للشباب الأردني ويحوّل إرث حضاراتنا إلى استثمار اقتصادي حقيقي
القطع الأثرية الأردنية المنتشرة حول العالم ليست مجرد تماثيل أو حجارة بل هي ذاكرة وطن وهوية أمة وثروة اقتصادية وثقافية لا تقدر بثمن كل قطعة تعود تمثل فرصة لجذب السياح العرب والأجانب ورفع عوائد السياحة وتفعيل مشاريع صغيرة ومتوسطة مرتبطة بالتراث والفنون التقليدية
آن الأوان أن يتحرك المسؤولون والمستثمرون وأن نستثمر في تراثنا قبل فوات الفرصة أن يكون المتحف محركًا للنمو الاقتصادي والسياحة والثقافة وأن يروي للعالم تاريخ الأردن العظيم وأن يحوّل إرث حضاراته إلى فرص حقيقية للدخل والعوائد الاقتصادية المستدامة كل يوم تأخير هو خسارة للأردن فرصة لضمان مكانته على خارطة السياحة الثقافية العالمية وإثبات أن تاريخنا ليس للعرض فقط بل هو استثمار للمستقبل ورافد اقتصادي لا غنى عنه