مبادرة الداخلية جاءت في وقتها ؟



د ضيف الله الحديثات

مرة اخرى تثبت وزارة الداخلية بقيادة الوزير مازن القرابة، انها لا تكتفي بادارة الامن والنظام بل تتقدم الصفوف في ميادين الاصلاح الاجتماعي بوعي وادراك لحاجات الناس وظروفهم المعيشية وبروح وطنية صادقة تعلي من شان البساطة والاعتدال في سلوك المجتمع .

فالمبادرة الجديدة التي اطلقتها الوزارة تحت عنوان تنظيم الظواهر الاجتماعية جاءت كصرخة وعي في وجه المظاهر المبالغ فيها التي اثقلت كاهل الاسر الاردنية وارهقت الناس ماديا ومعنويا سواء في الافراح او الاتراح او المهور انها دعوة للعودة الى جوهر قيمنا الاصيلة التي تقوم على التكافل والتراحم لا على المباهاة والمفاخرة .

لقد احسن الوزير بتوجيهه الحكام الاداريين للتشاور مع المجالس التنفيذية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني من اجل تبني هذه المبادرة والتوقيع على مضامينها ليكون الاصلاح الاجتماعي ثمرة لتعاون وطني شامل يشارك فيه الجميع .

فحين تدعو المبادرة الى اقتصار بيوت العزاء على يوم واحد  أو  يومين، فهي لا تدعو للتقليل من حق الميت او مكانته بل تسعى الى رفع المشقة عن اهل الفقيد وتجنب التكاليف الباهظة التي باتت تثقل كاهل العائلات وقد قال تعالى
* لا يكلف الله نفسا الا وسعها *
وما اجمل ان يكون التعاطف والتعزية في بساطة خالية من التكلف فذلك اقرب لروح الدين واصدق في المعنى .



وفي جانب الزواج والمهور جاءت المبادرة لتضع حدا للمغالاة التي افسدت على الناس زواجهم واغلقت ابواب الحلال امام شباب الامة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
*اعظم النساء بركة ايسرهن مؤونة*
فما احوجنا اليوم الى احياء هذه السنة النبوية الكريمة بعد ان تحولت بعض حفلات الزواج الى مهرجانات اسراف وتفاخر لا تمت الى روح الدين بصلة .


كما تضمنت المبادرة خطوة جريئة وقوية  عدم  دعوة اصحاب المناصب السياسية لترؤس الجاهات  وهذه الشجاعة بعينها ، وهنا نعيد الجاهة لمعناها العشائري الاصيل القائم على التقدير والاحترام والتواضع لا على الالقاب والمناصب وهذا ينسجم مع قول النبي عليه الصلاة والسلام

* ما تواضع احد لله الا رفعه الله*


وهنا لا يمكن اغفال ما حملته المبادرة من دعوة لترشيد حفلات الافراح وتقليص اعداد المدعوين تجنبا للهدر المالي والطعام واحراج الناس وهي خطوة ايضا في طريق الوعي المجتمعي الرشيد قال تعالى
* والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما *



هذه المبادرة ليست مجرد تعليمات ادارية بل رؤية اجتماعية اصلاحية متكاملة توازن بين العادات والتقاليد من جهة والواقع الاقتصادي والاجتماعي من جهة اخرى وهي بذلك تعيد الانسجام الى المجتمع وتغرس في النفوس قيم التراحم والتعاون والتواضع بدل المظاهر والمفاخرة

ومن هنا  فإن الداخلية علقت الحرس وعلى المجتمع الأردني الواعي أن يقف مع أي مبادرة من شأنها تخفف على الجميع، فقراء واغنياء، حتى نعزز  قيم التراحم بيننا .