أيها الأردنيون، أليس غريبًا أن يتحول "المنسف" الذي نحمله في وجداننا كرمز للكرم والسيادة والهوية الوطنية إلى مجرد إعلان تجاري عابر تُديره بعض المطاعم؟ أليس من الجريمة أن يُزجّ بالأطفال في هذا السباق المحموم، فيُطلب منهم أن يبتسموا أمام القدر، أن يغمسوا الخبز في اللبن، أن يكرروا المشهد عشرات المرات فقط ليُرضى السوق؟ أي تراث هذا الذي نُسقطه إلى مرتبة "الترند"، وأي طفولة هذه التي نُحوّلها إلى أداة ربح رخيصة؟
المنسف ليس برغرًا يُسوَّق بحملة سريعة، ولا بيتزا تُستهلك في مقطع عابر. المنسف تاريخ عريق، له قدسيته ومكانته على موائد العشائر، له طقوسه التي تعلّمنا معنى الاحترام والضيافة والوحدة. وحين نراه اليوم يُختزل في فيديو دعائي لطفل يأكل أمام الكاميرا، فإننا لا نحتفل بالمنسف بل نُهين رمزيته، ونُفرغ محتواه من معناه العميق.
إن استغلال الأطفال في التسويق ليس ذكاءً تجاريًا، بل هو تلاعب بالعاطفة واستغلال للبراءة. الطفل الذي يُدفع إلى هذه المشاهد لا يُدرك معنى التراث الذي يحمله، بل يُعامل كأداة دعائية، كوسيلة ضغط نفسي على الجمهور، وكأن المنسف بحاجة إلى دموع طفل أو ضحكته كي يُقبل عليه الناس!
إننا نعيش مفارقة مؤلمة: مطاعم ترفع شعار "الأصالة" وهي تفرغ الأصالة من مضمونها، وأُسر تُضحّي بطفولة أبنائها في سبيل مقطع "ترند" لن يعيش أكثر من يومين. المنسف الذي كان يومًا عنوانًا للمجد والكرامة صار يُستهلك كسلعة تجارية، والطفولة التي كان يجب أن تُصان صارت تُستغل كوسيلة إعلان.
لذلك، نحن ندعو كل الأردنيين: لا تشتروا من المطاعم التي تستخدم الأطفال في التسويق، لا تساهموا في تحويل تراثنا الوطني إلى أدوات ربح، وشاركوا هذا الوعي مع الأصدقاء والعائلة. أوقفوا تحويل المنسف إلى إعلان، أوقفوا استغلال الأطفال، وأعيدوا للمنسف قدسيته، وللطفولة براءتها.
فلنحافظ على المنسف كرمز وطني، ولنحمي أطفالنا كأمانة. فالقرار بيدكم، وجبهتنا الوطنية أمانة في أيديكم، وطفولتنا ليست للبيع.