في زمنٍ كانت فيه كلمة "الراتب" تعني الأمان، صار كثير من الأردنيين يستلمون رواتبهم صباحًا، ولا يجدونها مساءً. الأسعار تصعد بلا سقف، والرواتب ثابتة كأنها مُسَمّرة في جدار الزمن، والديون تتكاثر حتى صار رب الأسرة يعيش بين المطرقة والسندان.
رب الأسرة اليوم يقاتل على جبهتين: جبهة المصاريف التي لا تنتهي، وجبهة القلق على مستقبل أولاده. هو ليس مجرد موظف أو عامل، هو الأب الذي يختصر أحلامه ليحقق أحلامهم، والذي يضع صحته على الرف ليضمن لهم حياة كريمة، والذي يبتلع همومه في صمت حتى لا يراها أبناؤه.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: من يسانده؟
هل يسانده سوق يزداد جشعًا؟
أم قوانين لا تواكب الواقع؟
أم وعود اقتصادية لا تصل إلى جيبه؟
لقد تعب هذا العمود الفقري للمجتمع. لم تعد الكلمات تكفيه، ولا التصريحات تشبعه، هو يريد أفعالًا ملموسة: ضبط الأسعار، تحسين الرواتب، خلق فرص دخل إضافية، وتوزيع عادل للعبء الاقتصادي بدل أن يتحمله وحده.
رب الأسرة الأردني ليس طالب إحسان، بل طالب إنصاف. يريد أن يشعر أن دولته تراه وتخطط له، لا أن تكتفي بمطالبته بالصبر وهو يغرق في بحر الالتزامات.
فإذا كان الوطن بيتًا كبيرًا، فإن رب الأسرة هو العمود الذي يحمله، وإذا سقط العمود… فلن يبقى البيت قائمًا مهما كانت الجدران مزخرفة.