بعد سنوات طويلة من الالم والصراع والانقسام، نعلنها في الاردن ان الشقيقة العزيزة سوريا دخلت مرحلة تاريخية مفصلية عقب سقوط نظام الاسد، مرحلة تتقدم فيها الدولة على الاشخاص، ويعلو فيها صوت المؤسسات على ضجيج الاستبداد.
ان ما تشهده سوريا اليوم ليس مجرد تغيير سياسي، بل بداية اعادة بناء وطن ارهقته الحروب واستنزفته العزلة، لقد شكل اعلان العملة السورية الجديدة خطوة سيادية بالغة الدلالة، تتجاوز بعدها الاقتصادي الى رمز سياسي ومعنوي يعكس ولادة عهد جديد.
فالعملة ليست اداة تبادل فحسب، بل مرآة للثقة بالدولة، ومؤشر على استقرار النظام السياسي، ورسالة موجهة للمواطن قبل العالم بان سوريا تستعيد سيادتها الاقتصادية وتفتح صفحة جديدة من الانضباط المالي والشفافية.
اهمية العملة الجديدة.
تمثل العملة الجديدة مدخلا لاعادة تنظيم الاقتصاد السوري، وضبط السياسات النقدية، والحد من التضخم الذي اكل مدخرات السوريين خلال السنوات الماضية،كما انها تمهد لاعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وتشجع عودة رؤوس الاموال السورية المهاجرة، وتخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والاجنبي.
والاهم من ذلك، ان العملة الجديدة تعكس ارادة سياسية واضحة بالقطيعة مع اقتصاد الحرب، والانتقال الى اقتصاد الانتاج والعمل والتنمية،اقتصاد يخدم المواطن لا النخب، ويعيد الاعتبار لقيمة العمل والكرامة الانسانية.
مستقبل الدولة السورية .
سوريا اليوم امام فرصة تاريخية لاعادة بناء دولة مدنية حديثة، تقوم على سيادة القانون، واحترام التعددية، وضمان الحقوق والحريات، وتكريس مبدأ المواطنة المتساوية. ان نجاح المرحلة الانتقالية مرهون بقدرة النظام الحالي على ترسيخ الاستقرار، وبناء مؤسسات قوية، وفتح المجال امام مشاركة سياسية واسعة تعبر عن جميع مكونات الشعب السوري، كما ان اعادة الاعمار ليست حجارة وبنى تحتية فقط، بل اعمار للانسان السوري، للتعليم، للصحة، للثقافة، وللنسيج الاجتماعي الذي تمزق بفعل سنوات الصراع.
العلاقة مع المحيط والعالم على الصعيد الاقليمي، تمتلك سوريا الجديدة فرصة لاعادة تموضعها الطبيعي في محيطها العربي، وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل، والمصالح المشتركة، اما دوليا، فان التزام الدولة الجديدة بالشرعية الدولية، ومحاربة التطرف، واحترام حقوق الانسان، سيعيد فتح الابواب المغلقة، ويرفع العقوبات، ويدمج سوريا من جديد في الاقتصاد العالمي.
ان العالم اليوم يراقب سوريا لا ليحاكمها على ماضيها، بل ليقيس جديتها في صناعة مستقبل مختلف، خاتمة، سوريا بعد سقوط الاسد ليست كما قبل، انها دولة تسعى لان تولد من رحم المعاناة، مسلحة بارادة شعبها، وطموح شبابها، وحكمة عقلائها.
العملة الجديدة ليست ورقة نقدية فقط، بل اعلان ثقة، وعهد جديد، وبداية طريق طويل نحو الاستقرار والتنمية والعدالة، انها سوريا التي تستحق الحياة، وتستحق ان تعود دولة فاعلة، مستقلة، ومؤثرة في محيطها والعالم.