مدفأة الشموسة: من رفوف الأسواق إلى غرف الموت… من يحاسب على الفاجعة.


باسم عارف الشوره 

حين تدعو الجهات المختصة المواطنين إلى التوقف عن استخدام مدفأة الشموسة بعد أن حصدت أرواح عائلات بريئة، فإن القضية لم تعد مسألة إرشاد أو تنبيه، بل تحولت إلى سؤال وطني حاد عن المسؤولية والمحاسبة. فالسؤال الحقيقي ليس: لماذا استخدمها المواطن؟ بل: لماذا سُمِح لها أصلًا أن تُباع؟

أين كان التحذير قبل أن تُزهق الأرواح؟
وأين دور وزارة الصناعة والتجارة حين دخلت هذه المدافئ إلى الأسواق؟
وأين مؤسسة المواصفات والمقاييس حين مُنحت مدفأة ثبت خطرها ختم "المسموح”؟

كيف تُترك مدفأة ثبت أنها قاتلة تتسلل إلى بيوت الفقراء والبسطاء، تُعرض بلا رقابة حقيقية، وتُباع كمنتج عادي، بينما هي في الواقع قنبلة صامتة تعمل بلا صوت ولا رائحة؟
من أجاز بيعها؟ ومن صادق على مطابقتها؟ ومن تجاهل مؤشرات الخطر حتى تحوّلت البيوت إلى أماكن وداع أخير؟

مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة لا تبدأ بعد الفاجعة، ولا تُختزل ببيان متأخر، بل تبدأ قبل وصول السلعة إلى الرف، وقبل إشعالها في غرفة أطفال، وقبل أن يُغلق باب بيت على عائلة كاملة بثوانٍ من أول أكسيد الكربون.
أما مؤسسة المواصفات والمقاييس، فهي ليست جهة تلحق بالكوارث، بل خط الدفاع الأول عن حياة المواطن، ومسؤوليتها لا تُقاس بعدد التصريحات، بل بعدد الأرواح التي لم تُزهق.

التحذير بعد الموت لا يُعيد غائبًا، ولا يخفف لوعة أم، ولا يمحو تقصيرًا إداريًا واضحًا.
فالخلل لم يكن في وعي المواطن وحده، بل في منظومة رقابة سمحت لمدفأة الشموسة أن تمر عبر بوابة القانون وتستقر في قلب البيت.

اليوم، الشارع لا يطلب بيانات جديدة، بل إجابات واضحة ومحاسبة صريحة:
من أجاز؟
من راقب؟
ومن سيتحمل مسؤولية الدم الذي سال بصمت؟
لأن أرواح الأردنيين ليست مجالًا للتجربة،
ولأن الدفء حق…
لكن أن يكون ثمنه الحياة، فذلك فشل لا يجوز أن يمرّ بلا حساب.