في حضرة المسرح... نستذكر من عاش له

تُطلّ الدورة ال30  من مهرجان الأردن المسرحي هذا العام بملامح مختلفة، يختلط فيها الشجن بالفخر، والذكرى بالاحتفاء.
فقد اختارت وزارة الثقافة أن تحمل هذه الدورة اسم الفنان الراحل أشرف طلفاح، تقديرًا لمسيرته التي اتسمت بالصدق والإخلاص للفن، واستجابةً لدعوة الوفاء لذاكرة فنانٍ أحبّ المسرح حتى آخر لحظة من حياته.
 طلفاح المكرَّم الوحيد في هذه الدورة، حيث تسلمت أسرته درع الاستحقاق، ويعرض فيلم يوثّق مشواره الفني الغني، ليبقى حضوره بيننا من خلال ما قدّمه على الخشبة وفي الشاشة، وما تركه من أثرٍ في قلوب زملائه وجمهوره.
إنها لفتة تُحسب لإدارة المهرجان بقيادة المخرج عبد الكريم الجراح، وللوزارة، إذ تؤكد هذه المبادرة أن الذاكرة المسرحية لا تكتمل إلا باستحضار من صنعوا مجدها، أولئك الذين آمنوا بأن المسرح فعل حياةٍ ووعيٍ لا ينتهي بالرحيل.
لقد كان أشرف طلفاح فنانًا لا يشبه سواه؛ مخلصًا لخياراته، مؤمنًا بأن القيمة الحقيقية للفن في صدقه لا في بريقه. لم يسعَ يومًا وراء التكريم، لكنه استحقه، وكان جديرًا بأن يُحتفى به في حياته كما بعد رحيله.
وفي الذكرى الثالثة لوفاته، التي تصادف 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، نستعيده لا كممثل فقط، بل كقيمة إنسانية وفنية ظلت وفيّة للمسرح، ورافضة للمساومة على جوهر الفن.
ظلّ طلفاح وفيًا للخشبة التي أحبّها، يتعامل معها كفضاءٍ مقدس، يتطلّب الصدق والانضباط والإيمان بالرسالة. ومن خلاله نتذكّر معنى الالتزام بالفن الحقيقي، بعيدًا عن الموجات العابرة والأضواء المؤقتة.
استذكار الفنانين الراحلين ليس فعل حنينٍ فقط، بل تأكيد على أن الذاكرة الفنية جزء من الهوية الثقافية التي نبنيها سويًا. وفي هذه الدورة التي ترفع اسم أشرف طلفاح، ينطلق مهرجان الأردن المسرحي الثلاثين بروح الوفاء، لنواصل توثيق اللحظة المسرحية بعيونٍ محبة وقلوبٍ مخلصة.
مهرجان نابض بالعروض، وتسجيل شهادات الحضور والمبدعين، لنرسم صورة مهرجانٍ يليق بتاريخ المسرح الأردني، ويحمل رسالته إلى المستقبل.
فلنبدأ بالخير، وبمحبة المسرح، وبالإيمان أن الكلمة الصادقة تبقى ما بقي الضوء على الخشبة.