العمل التطوعي واجب ديني ووطني

العملُ التطوعي هو جهدٌ اختياريٌّ بدون مقابلٍ ماديٍّ يهدف إلى خدمة المجتمع وخدمة الآخرين؛ لينال الشخصُ رضا الله والمجتمع ويخدم الوطن، حيث يشمل ذلك مجالاتٍ متعددة مثل مساعدة المحتاجين، ورعاية الأيتام، والقيام بأعمالٍ تخدم المجتمع والصالح العام، وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، والتطوع في أعمالٍ كثيرة يحتاجها المجتمع وهو قادر على أدائها، وجميعها تعود بالنفع على المجتمع.
والعمل التطوعي يقوّي الروابط الاجتماعية ويحقق التكافل بين أفراد المجتمع، قال تعالى (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) البقرة 158 .
فلقد أنزل الله تعالى الإسلامَ دينَ رحمةٍ وتعاونٍ، ويتسابق المسلمون إلى مغفرته ورضوانه، حيث هناك أبوابٌ كثيرةٌ له، أهمها العمل التطوعي وفق الضوابط والمحددات، لذلك يحمل في طياته إخلاص النية، ليس لمنفعةٍ شخصيةٍ أو السعي إلى منصبٍ أو مكافأةٍ، فالنيةُ روحُ العمل ورأسُ الأمر وعمودُه وأساسُه الذي يُبنى عليه.
وأن يكون التطوعُ صادراً عن طيب نفس، ولا يجوز إجبارُ شخصٍ على القيام بعملٍ ما، فهناك من يتبرع بماله لخدمة فئةٍ محتاجة أو لخدمة المجتمع في أمرٍ ما، فالله طيّبٌ لا يقبل إلا الطيّب، سواء كان التبرع مالاً أو موادَّ عينية أو جهداً يقوم به، قال تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة 215 .
وينبغي أن يُخلِص المتطوّع في عمله وجهده ويتقنه تحت المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية والدينية حتى يتم العمل على أكمل وجه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) .
كذلك من التطوع إطعامُ الطعام للفقراء والمحتاجين، قال تعالى ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )  الإنسان 8-9 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) إنها المؤازرةُ ليسود المجتمعُ المحبةَ والأخوة ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وقال أيضاً ) الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ) .
إننا في فترةٍ زمنيةٍ وفي ظروفٍ عصيبةٍ تمرّ بها مجتمعاتُنا اقتصادياً واجتماعياً نتيجة الأزمات والحروب والصراعات العالمية، في أمسِّ الحاجة إلى مساندة إخوتِنا الفقراء والمساكين والمحتاجين، والوطنُ أيضاً بحاجةٍ ماسّةٍ للسواعد الفتيّة للعمل التطوعي في كافة المجالات التي تخدم مجتمعاتهم.
وكما أن الفرد مسؤولٌ عن نفسه، فهو أيضاً مسؤولٌ عن الآخرين، الأقرب فالأقرب، ويجب على كافة الجهات المعنية، الحكومية والقطاع الخيري، أن تُفجِّر مواهب الشباب وتستغل طاقاتهم في مشاريع تنمويةٍ مجتمعيةٍ وخدماتٍ إنسانية، إنها المبادراتُ الطيبة التي عهدناها منذ زمنٍ طويلٍ لشبابنا المعطاء، وهو الصمود في وجه الأزمات مهما كانت.