الفاقد المائي.. مسؤولية مشتركة



باسم عارف الشوره 

الماء في الأردن ليس مجرد مورد طبيعي بل هو سر الحياة وعصب البقاء وهو الشريان الذي يمد أرضنا بالحياة ويمنح أبناءنا حق العيش الكريم وحين نتحدث عن الفاقد المائي فإننا نتحدث عن نزيف خطير يستنزف ثروتنا الأغلى نزيف يضيع نصف ما نملك من الماء بين شبكات متهالكة واعتداءات آثمة وإهمالٍ يتوزع بين مؤسسات رسمية ومواطنين على حد سواء

إنها ليست مشكلة جهة واحدة ولا مسؤولية طرف واحد إنها قضية وطنية كبرى تستدعي أن نرتقي جميعًا إلى مستوى التحدي المواطن الذي يترك تسربًا صغيرًا في بيته يتفاقم بلا إصلاح يساهم في الهدر كما تساهم الشركات التي تؤجل صيانة شبكاتها المتهالكة أو تغض الطرف عن الاعتداءات على خطوط المياه وكما تتحمل الإدارات التي لا تجعل من الفاقد أولوية قصوى بل تتركه يتسع يومًا بعد يوم حتى صار نصف مياه الأردن تضيع قبل أن تصل إلى المستهلك

لقد حذر الخبراء وأكدت الدراسات أن خفض الفاقد المائي بنسبة يسيرة كفيل بتوفير مئات الملايين من الأمتار المكعبة سنويًا وهذه الكميات الهائلة كافية لتأمين حاجات مئات آلاف الأسر أو ري آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية التي تنتظر الماء بفارغ الصبر أيعقل أن نترك هذه الثروة تضيع بين أيدينا ونحن في بلد يعاني من شح مائي هو الأخطر في العالم

إنها معركة وعي قبل أن تكون معركة أنابيب إنها مسؤولية مشتركة عقد أخلاقي ووطني يجب أن يلتزم به الجميع من أصغر مواطن إلى أعلى مسؤول فالماء ليس رفاهية نستهين بها ولا سلعة عابرة نبددها كيفما نشاء الماء حياة والحياة لا يجوز أن نفرط فيها

الأردن الذي صمد في وجه قلة الموارد واستطاع أن يحول شحه إلى قصة صمود عالمي قادر أن يخوض معركة الفاقد المائي وينتصر فيها شرط أن نصحو جميعًا إلى خطورة ما يحدث شرط أن نؤمن أن كل قطرة تضيع هي جريمة في حق أبنائنا وأحفادنا شرط أن نتكاتف مواطنًا وحكومة ومؤسسات وإعلامًا وتشريعًا وضمائر يقظة تعرف قيمة الماء وتدرك أن التفريط فيه تفريط في مستقبل الوطن

فلنعلنها واضحة وصريحة من اليوم لا تسامح مع إهمال ولا صمت على اعتداء ولا تهاون في صيانة ولا تبرير للهدر لنقف جميعًا صفًا واحدًا في وجه الفاقد ولنحوّل الوعي إلى سلوك يومي والإرادة إلى فعل مشترك والجهود المتفرقة إلى قوة متماسكة تقاتل من أجل كل قطرة

ولنرفعها شعارًا خالدًا يردده الكبير والصغير على امتداد هذا الوطن قطرتك أمانة ووطنك يستحقها