في اليوم العالمي للسلام... هل يُعقل أن نحتفل به في زمن الحروب ....؟

الكاتب:- الدكتورة هبه الحدادين
 إن النهج الأردني يذكرنا بأن السلام يبدأ من الإرادة السياسية الصادقة، ويتطلب من قادة العالم أن يضعوا الإنسانية فوق المصالح الضيقة... وأضافت :

بصراحة، في كل عام يحلّ علينا يوم 21 سبتمبر، وهو اليوم العالمي للسلام، أجد نفسي أمام سؤال قاسٍ ومؤلم: هل من المنطقي أن نحتفل بهذا اليوم ونحن نرى العالم يشتعل بالحروب والصراعات؟ إن الفجوة بين الرسالة النبيلة لهذا اليوم والواقع المرير الذي نعيشه اليوم في غزة، والسودان، وأوكرانيا، ومناطق أخرى حول العالم، تفرض علينا التوقف عن التعامل مع السلام كفكرة مجردة.

في مجال عملي، أرى أن السلام ليس مجرد غياب لإطلاق النار؛ إنه وجود للعدل، وحماية لكرامة الإنسان. عندما نرى الأطفال يُقتلون وتُدمر المستشفيات، فإن هذا الاحتفال يتحول إلى صرخة استنكار وتذكير مؤلم بمسؤوليتنا الإنسانية. إن السلام الحقيقي هو حماية أرواح المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق، وضمان حقوق الشعوب.

من هنا في الأردن، أرى أننا نقدم نموذجاً فريداً من نوعه في السعي لتحقيق السلام. فجهود جلالة الملك عبدالله الثاني، التي لم تتوقف لحظة واحدة، ليست مجرد خطابات في المحافل الدولية، بل هي عمل دؤوب مبني على قناعة راسخة بأن "السلام العادل والدائم هو السبيل الوحيد لإنهاء دوامة العنف". إن الهاشميين، من خلال دورهم التاريخي وجهودهم المستمرة في فتح قنوات الحوار وتقديم الإغاثة الإنسانية، يُثبتون للعالم أن السلام ليس ترفاً سياسياً، بل هو ضرورة إنسانية تتطلب الشجاعة والعمل على أرض الواقع.

إن هذا النهج الأردني يذكرنا بأن السلام يبدأ من الإرادة السياسية الصادقة، ويتطلب من قادة العالم أن يضعوا الإنسانية فوق المصالح الضيقة.

في هذا اليوم، لا أرى أنه يكفي أن نرفع شعارات السلام فقط. بل يجب علينا أن نعمل بجد؛ أن نُعلي صوتنا المطالب بوقف إطلاق النار في كل مكان، لأن الصمت هو تواطؤ، وأن نقاوم خطاب الكراهية في مجتمعاتنا، ونعمل على نشر قيم التعايش. كما يجب أن ندعم كل جهد إنساني يهدف إلى مساعدة المتضررين من الحروب، وأن نُسلط الضوء على معاناتهم. إن اليوم العالمي للسلام هو فرصة لنتحمل مسؤوليتنا. هو فرصة لكي نجعل من السلام حقيقة واقعة، لا مجرد حلم نُحلق به بعيداً عن الواقع المؤلم.