في ندوة أكاديمية سياسية جماهيرية جرت في إربد يوم 12/7/2025، تحت عنوان «يلا نشارك يلا نتحزب» بدعوة من المؤتمر الوطني للتنمية السياسية، وجه لي أحد الحضور سؤالاً عن سبب ضعف الأحزاب السياسية الأردنية، أو تعثرها، أو عدم قدرتها على جذب قطاعات شعبية واسعة من مسامات شعبنا لها؟
أجبت وقلت هناك أسباب موضوعية، وهناك أسباب ذاتية، يمكن تلخيصها كما يلي:
أولاً: لدينا أربعة تيارات سياسية هي:
أ- التيار اليساري، ب- التيار القومي، ج- التيار الإسلامي، ح- التيار الوطني.
ثانيا: ضعف التيار اليساري يعود إلى نتائج الحرب الباردة التي تمكنت خلالها الولايات المتحدة، مع حلفائها الأوروبيين، والمستعمرة الإسرائيلية، وقوى محلية متطرفة مثل الطالبان في أفغانستان وأمثالهم من الحكام والأنظمة، فتحقق لهم، عبر هذا التحالف العريض، النجاح على المعسكر الاشتراكي، وهزيمته، الذي شكل مرجعية وسنداً للأحزاب اليسارية في العالم، ولذلك انعكست نتائج الحرب الباردة في هزيمة قوى اليسار العالمي، على الأحزاب اليسارية الأردنية الثلاثة: الحزب الشيوعي، حزب الشعب الديمقراطي، حزب الوحدة الشعبية، كما انعكست نتائج حرب الخليج وخطيئة العراق في اجتياح الكويت، إلى هزيمة العراق وإحتلاله وإعدام الرئيس الراحل صدام حسين، وما حصل في سوريا من تحولات وفشل النظام السابق في استيعاب قوى المعارضة، وإخفاقه في توسيع قاعدة المشاركة الاجتماعية في الحكم، إدى إلى ضعف وانحسار الأحزاب القومية الأردنية، خاصة حزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب البعث التقدمي الذي لم يتمكن من توفير متطلبات الترخيص القانونية.
ثالثا: أدى فشل إدارة الأحزاب الإسلامية ذات المرجعية الواحدة: الإخوان المسلمين، في مصر وليبيا وتونس والمغرب والسودان، وخيار حركة حماس الأحادي، قبل 7 أكتوبر 2023، وتصادم الإخوان المسلمين مع سياسات الدولة الأردنية التي كانت حليفة لها طوال نصف قرن من 1957 حتى 1989، إلى إنحسار وانقسام الإخوان المسلمين، وبروز أحزاب إسلامية وليدة من رحمها، أدت إلى ما أدت إليه من انحسار وتراجع نسبي للإخوان المسلمين وحزبهم، قبل سحب الترخيص وباتوا خارج القانون،رغم أن حزبهم حزب جبهة العمل الإسلامي ما زال الحزب الأقوى في الأردن، وله التمثيل ب 31 نائبا في مجلس النواب.
رابعاً: أما الأحزاب الوطنية الأردنية، التي تشكلت حديثا، مازالت غضة وليدة عوامل مستعجلة، تفتقد للقيادات المجربة سياسياً وجماهيرياً وقيادة وخبرة، وتحتاج إلى وقت حتى تستفيد وتراكم التجارب، وتتمكن من الثبات والاستقرار والتقدم.
خامساً: كما أدى انتقال قيادات سياسية حزبية أردنية هامة من أصول فلسطينية، انتقالها إلى فلسطين: تيسير الزبري، عزمي الخواجا، وليد مصطفى، محمد سعيد مضية، وآخرون كانوا قادة ومؤسسين، تركوا مواقع هامة خاصة في مرحلة التحول من فترة الأحكام العرفية، التي كانوا فيها قادة وشجعانا، إلى مرحلة التحول الديمقراطي، قادوا خلالها الاستجابة لقرار المصالحة الوطنية والمشاركة الحزبية السياسية في لجنة صياغة الميثاق الوطني، والترخيص، وحرية العمل للأحزاب اليسارية والقومية الخمسة في ذلك الوقت.