الشباب في حاضرنا لا يريد أن يعيش على الهامش، بل يبحث عن المكان المناسب الذي يستطيع أن يشغله ويُحدِث فيه فرقاً نحو النجاح، وأن يكون لحياته معنى، فشبابنا اليوم هم المستقبل، وهم بمثابة ضمانة لمستقبل الوطن. لذلك، يجب بذل الكثير من الجهد لرعايتهم من كافة النواحي.
ومن هذا المنطلق، علينا أن نعطي الأهمية البالغة لمعالجة حالات القلق التي يعيشها كثير من شبابنا المتعطش لاستكمال تعليمه، والإبداع العملي والمهني، وتعلُّم كل ما هو جديد. فالقلق هو الهوة بين الآن (الحاضر) وبين المستقبل (الغد)، وكلما كانت الهوة كبيرة أو آخذة بالاتساع، يزداد القلق.
ومن أجل خفض مستوى القلق، علينا نظرياً وعملياً اتباع طرق الإرشاد، والعلاج العقلاني، وخفض الانفعال السلوكي السلبي، ومعالجة الأفكار اللاعقلانية لدرجات كبيرة. وعلينا أن نعطيهم المساحة الكافية لتحديد اتجاهاتهم الدراسية والعلمية والعملية دون وضع أية عراقيل تُحبط مسيرتهم العلمية والعملية.
إن الخوف من المستقبل، في ظل المتغيرات المتسارعة والأزمات المتنوعة لدى فئة الشباب من الجنسين، أمرٌ طبيعي يحدث نتيجة لما يسمى (الخوف من المجهول)، لأن كثيراً من الأزمات والمتغيرات تجعل الشباب في قلق: هل سيحقق النجاح أم الفشل، فالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية لها بالغ الأثر على شخصيته.
لذلك يحدث لدى الشباب نوع من القلق الداخلي، خاصة عندما يحاول الطلبة الحصول على معدلات نجاح عالية ولا يستطيعون بسبب صعوبة الأسئلة، والتي يعتبرها سبباً يحول دون تحقيق طموحاته، أو أن هناك من يعمل على إحباطه ليتخذ مساراً آخر غير تعليمي.
وهناك من يتجه نحو الانحراف، أي تحدث ردات فعل متفاوِتة؛ فهناك من يبحث عن مسؤول ليأخذ بيده نحو إيجاد فرصة عمل، أو يكون مصيره التسكع في الطرقات، والتعرض لمواقف مُحبِطة، خاصة مع أصدقاء السوء الذين يعانون من نفس الأوضاع، فهو يعتبر رسوبه في الامتحان نهايةً لمستقبله.
إن الشباب هم صُنّاع المستقبل، لكنهم ينخرطون في دوامة الحياة، ويحتاجون لمن يأخذ بيدهم ويرشدهم إلى الطريق السليم نحو المستقبل، حسب قدراتهم وإمكانياتهم.
وعلينا زيادة الدفاعية لديهم، وكيفية التأقلم مع هذه المتغيرات، وفي ظل الأزمات المختلفة، حتى يتحقق لهم الأمن النفسي والطمأنينة، وحتى نُحقّق مجتمعاً آمناً يُواجه الشباب من خلاله كافة أشكال التحديات.
والمجهول الذي يخافه كثير من شبابنا، ويثير فيهم الخوف، هو عنصر المفاجأة غير المتوقع، وهذا يجعل شبابنا لا يعرف مدى الضرر الذي من الممكن أن يحدث له، ويحاول أن يُقنع نفسه بالحلول والخيارات المقدور عليها، والتي تُحقق المنفعة له وتكون ضمن قدراته وإمكانياته.
وعلينا في هذا السياق توعية شبابنا حول كثير من المفاهيم الجديدة الدخيلة على مجتمعنا، حتى لا يكون هناك جيلٌ مُفرغ من دوافع العلم والإبداع، لأن ذلك يترك أثراً سلبياً على المجتمع.