مازالت واثقا ان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، قادر على تحقيق الكثير من الإنجازات على الأرض الأردنية المباركة، وتعديل مسار العديد من القضايا، التي خرجت عن الطريق الصحيح خلال السنوات التي مضت.
الخصاونة من عائلة امتهنت الفلاحة والزراعة، ومن المؤكد انه يلاحظ خلال جولاته الميدانية، حجم الاعتداءات المسكوت عنها، على الاراضي الزراعية بسبب الزحف العمراني، دون أن نحرك ساكنا بشكل جدي حيالها، في الوقت الذي تشير احصاءات غير رسمية، اننا نفقد سنويا 3% من أراضينا الزراعية وذلك منذ عام ٢٠١٠ م، هذه الأرض التي لا تتجاوز بمجملها 3.5 % من المساحة الكلية للمملكة.
الرئيس أيضا من عائلة احترفت السياسية وسطع نجمهُ فيها، لذا فانه يدرك تمام الإدراك أهمية توفير الطعام للأجيال القادمة، وخاصة من المحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير وغيرها والذي يصل استيرادنا منها 2.4 مليون طن سنويا في حين ان انتاجنا السنوي في تناقص.
والمتتبع لمشهد الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة، يعرف انها ساهمت في نقص الحبوب والزيوت وارتفاع أسعارها، وهذه المنتجات برزت أهميتها في المستقبل، قد تستخدم كأدوات ضغط على الدول المستوردة، للعبث بقرارها السياسي والاقتصادي، لهذا نجد الدول الكبرى تعتمد على نفسها بشكل شبه كامل في هذا المضمار، وما يزيد عن حاجتها تصدره.
جلالة الملك حفظه الله، في رسالة التكليف الملكية للدكتور معروف البخيت شفاه الله عام ٢٠٠٤م حيث تضمنت في أحد بنودها تكليف ملكي للحكومة، بوقف الاعتداءات على الاراضي الزراعية، وعلى اثرها قامت بوضع نظام استعمالات الأراضي في عام ٢٠٠٥م ، الا انه لم يكن بمستوى طموح الملك ولا المهتمين بهذا الشأن، حيث استمر التغول على الأراضي الزراعية ومسلسل تفتيت الملكيات الكبيرة إلى 3.4دونم والسماح بالبناء عليها، تحت مسميات وحجج مختلفة.
الجامعات الوليدة، التي سمح لها بالتربع على أراضي زراعية مثل الجامعة الألمانية الاردنية في منطقة المشقر، والجامعة الأمريكية في مأدبا، حيث ساهمت بتنشيط الحركة العمرانية بعد تقسيم الأراضي، وتحولت المناطق حولها لغابات اسمنتية، احدى الحكومات أيضا سمحت بإقامة مدينة خمس نجوم "الاندلسية" على أخصب أراضي المملكة، تتكون من ٨٠٠ فيلا في منطقة ام العمد جنوب العاصمة، كما تقسم الان الاف الدونمات في منطقة سويمة، لقطع اقل من دونم واحد، يقام عليها بيوت تستخدم وتؤجر كشاليهات سياحية.
قد يتساءل البعض ماذا نفعل حيال تجاربنا الفاشلة! في حفظ ما تبقى من أراضي؟! الحل يكمن بأن تتقدم الحكومة الحالية للبرلمان بقانون يأخذ صفة الاستعجال، يحمي الأراضي من حالة التراخي والتقاعس، ويعاقب المقصر ويهدم المنشآت التي تقام في المكان الخطأ، ويكون ملزم للحكومات القادمة.
وان تطلع الحكومة على تجارب الدول المتقدمة، في إدارة ملف الأراضي الزراعية، لخطورة هذا الموضوع، الذي تأخرنا به كثيرا، ولا افشي سرا إذ قلت انه أعجبني رد نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان، على احد رؤساء البلديات في مؤتمر رؤساء البلديات في البحر الميت قبل أيام، عندما طلب الاخير تحويل أراضي زراعية لسكنية، حيث لم يتركه يكمل حديثه، ورد فورا بالرفض، وأكد أمام الجميع انه لن يحول مترا ما دام انه في موقعه.
دولة الرئيس، ستبقى ألسنةُ الاجيال القادمة تلهج بالدعاء لك، لو أوقفت شلال هدر ترابنا الأحمر، الثروة التي لا تعوض أو تقدر بثمن، وفرضت على المواطن من خلال اذرع حكومتك التنفيذية، بالاتجاه صوب الأراضي الصخرية غير الصالحة للزراعة في اقامة المباني، من خلال تشريع يضبط العملية برمتها، والوقت للاسف لا ينتظر!!