أمر الدفاع (23) مرحى دولة الرئيس د. طلال طلب الشرفات

منذ ثلاثة عقود كانت الدولة بحاجة إلى قرارات استثنائية كذاك الذي تضمنه أمر الدفاع (23)، ولم يكن الوطن أحوج إلى جرأة القرار كما هو الحال الآن في ظرف وطني قاتم، ومشهد وبائي خطير لا يحتمل دموع التجار، ولا تخاذل الساسة، أو صمت رجال الدولة؛ لأن الجهة الوحيدة المسموح لها بالربح في هكذا ظرف هي الوطن وصحة أبنائه، فالمشهد الوبائي الموجع الذي يشهد منعطفاً خطيراً يستدعي استحضاراً وطنياً غير مسبوق لدواعي المصلحة الوطنية العليا، وقادة استثنائيين قادرين على توجيه البوصلة نحو مرامي الأولويات الوطنية.

أمر الدفاع الذي خوّل وزير الصحة بوضع اليد على المنشآت الصحية في القطاع الخا وفق معايير منصفة، وتسعير الخدمات الصحية الناجمة عن وباء "الكورونا" هي نتيجة طبيعة لتخاذل رجال المال والاقتصاد في إسناد الوطن في هذا الظرف الوطني الصعب والدقيق، بل هم وحدهم الذين جعلوا من همة الوطن قصة تراجيدية حزينة، ورواية خذلان مفجع للوطن حتى اضطرت الدولة إلى الاستعانة بموظفي القطاع العام، وشركات الحكومة؛ لسد رمق الاحتياجات الصحية، والعاطلين عن العمل في مشهد أظهر غياباً مقصوداً لأولويات الحرص الوطني من أغلبية رجال المال والأعمال.

الحكومة التي بدأت بنفسها واعتذرت وتحملت مسؤولياتها الأدبية والسياسية واستقال وزير داخليتها في سلوك وطني راقٍ وحصيف، تملك الحق الوطني في توظيف قانون الدفاع؛ لتحقيق بواعث المصلحة الوطنية العليا في الانتصار للوطن والمواطن، وتحقيق مضامين الأمن الوطني الشامل، وإعادة التوازن للنشاط الاقتصادي بما يخدم مواجهة هذا الوباء اللعين وارتداداته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على المشهد الوطني العام.

القرارات الصعبة تحتاج إلى رجال دولة يمارسون مهامهم بشجاعة واعية خالصة، ويتحملون المسوؤلية في قراراتهم، وينذرون أنفسهم قرباناً للوطن، ويغادرون مساحات البحث عن إرضاء القوى الاقتصادية وأنصارها، بل على الحكومة أن لا تقلق من مضامين تطبيق أحكام المادة التاسعة من قانون الدفاع التي يفسرها القضاء في حدودها المعقولة وبما لا يضر في المقدرات الوطنية، أو حدود الكلف والنفقات الفعلية للمنشآت الصحية، أو غيرها من القطاعات التي تتأثر أو تؤثر في الوضع الوبائي المُربك.

كي نكون منصفين لا يجوز لنا الانتقاص من جهود الحكومة السابقة أو إجازة التنمر على بعض رموزها؛ فقد اجتهدت وأصابت في مساحات، وأخطأت في أخرى، والجهد الوطني التراكمي ضروري لنجاح المهمة الوطنية التي يراقبها الخبراء في الداخل والخارج على حدٍ سواء، ويستدعي أن نؤجل تقييم المرحلة الوبائية إلى أوقات قادمة؛ لأن حجم تلك المهمة أكبر بكثير من دواعي التقييم، والتوحد الوطني ضرورة لا غنى عنها.

همّة الأردنيين ستبقى عالية، ودقة الظرف ستشحذها إلى مسافات الإبداع والصبر، والتحية خالصة لجيشنا الأبيض، وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وكل أردني مخلص نذر للوطن جهداً، او مالاً، خبزاً، أو نصيحة.

وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الأصيل وقيادتنا الحكيمة من كل سوء ..!