ونحن على أبواب إعلان نتائج الثانوية العامة في زمن جائحة كورونا؛ وإبان فترة تقديم طلبات التنسيق الموحد للجامعات على سبيل إختيار التخصص المطلوب، تكون رغبات طلبة الثانوية العامة جامحة لتخصصات طبية وهندسية دون الالتفات لمعدلاتهم أو رغبة بتخصصات أخرى، وهذه الثقافة المجتمعية غالباً يغرسها الاهل عند أبناءهم؛ وتضخّم العلامات هذا العام في زمن الإختيار من متعدد بسبب ظروف الجائحة والوضع الوبائي ربما يشجّع الكثير من الطلبة وأهليهم صوب سوء الإختيار.
القراءة والإيحاءات الأولية للمعدلات من أفواه الطلبة توحي بتضخّم كبير وإرتفاع غير مسبوق بالمعدّلات مما يجعل كثير من الطلبة يفكّرون بإختيار تخصصات طبية وهندسية ربما لا تتناسب مع معدلاتهم؛ وهذا يوقعهم حتماً في مسألة سوء الإختيار.
متطلبات سوق العمل والقدرة والرغبة والمعدّل هي التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار لغايات إختيار التخصص المطلوبة؛ ولذلك فإنني أشجّع الطلبة ولوج عالم التعليم التقني الذي سيضمن لهم فرص العمل؛ ونؤكّد على أن المعدلات العالية ستشكّل تنافسية أكثر لدى الطلبة؛ وهذا يعني أن على الكثير ألّا يتهوّروا في إختيار تخصصاتهم ظنّاً أن معدلاتهم عالية وفق السنوات السابقة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تخصص الطب في بعض الجامعات متوقع أن يكون فوق ما هو معهود بكثير ولذلك التواضع مطلوب !
من المفروض أيضاً أن يتم إختيار التخصص الجامعي المطلوب بناء على عوامل: المعدل بالثانوية العامة ورغبة الطلبة وقدراتهم وميولهم وحاجات سوق العمل والبرامج المطروحة ورسومها المادية والوضع المالي للطلبة وموقع الجامعة وعوامل أخرى؛ ولكن الممارسات والواقع يقول بأن التخصصات يتم إختيارها بناء على رغبات الاهل للتباهي بالتخصصات، وضعط الاقران، والمشابهة والتجمل.
النتائج الجامعية للطلبة الذين يدخلون تخصصات غير رغبتهم الفشل أو التحويل لتخصصات أخرى، والطلبة الذين لم يواءموا تخصصاتهم وسوق العمل سيكون مصيرهم الانضمام لطوابير العاطلين عن العمل.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وديوان الخدمة المدنية والنقابات أعلنوا عن التخصصات المطلوبة والراكدة والمشبعة، وأعلن أن هنالك الكثير من التخصصات غير مطلوب لسوق العمل، والمطلوب هنا من الجامعات إغلاق هذه التخصصات ومن الطلبة عدم إختيارها.
التشاركية بين الطلبة وأهليهم مطلوبة لاختيار تخصصاتهم، والحوار لتوضيح الصورة لابنائنا الطلبة مهم هنا.
مطلوب من الحكومة وضع حوافز لتشجيع الطلبة لدراسة التخصصات المطلوبة وخصوصاً التقنية والمهنية منها حال توظيفهم، ومطلوب من الطلبة القضاء على ثقافة العيب والتوجه صوب التعليم التقني والتخصصات المطلوبة وليس المشبعة؛ ومطلوب الواقعية إبان تعبئة الطلبات وعدم الشطح للخيال، ومطلوب الايمان بالتنافسية بين الشباب.
نصيحة من باب الإحتياط ولضمان القبول الجامعي وخوفاً من الضياع؛ أرجو من أبناءنا الطلبة أخذ إحتياطاتهم ووضع خطة بديلة للقبول كل وفق معدله؛ وعلى سبيل الأمثلة بالتسجيل سلفاً بالجامعات الخاصة أو البرامج الموازية بالجامعة التي سيتقدم لها الطالب أو حتى التسجيل المبدئي في تخصصات مطلوبة بالجامعات وغيرها من الإحتياطات.
وأخيراً؛ التخصصات المطلوبة لسوق العمل معروفة، لكن البعض يتعمّد بإختيار التخصصات وفق أهواءهم فيقعوا في فخ سوء الإختيار أو البطالة، فمطلوب الإعتدال والتواضع وتفهّم واقع الحال لضمان المقعد الجامعي؛ فعصفور باليد خير من عشرة على الشجرة!
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا