د. محمد حسين المومني يكتب: عمال المياومة وصناديق الدعم

فئة محترمة وكريمة من الأردنيين تعتاش بشكل أساسي على ما يأتيها من دخل يومي. لا يوجد تقدير دقيق لأعدادهم، ولكنهم يعدون بمئات الآلاف من المعتاشين وأسرهم على دخولهم اليومية. بسبب الأوضاع الصحية السائدة انقطع دخل هؤلاء، فاعتاشوا على مدى الأسابيع الماضية على ما توفر في جيوبهم من نقود والكثير منهم لجأ لحواضنه العائلية لكي يسير أمور أسرته ونفسه. لا دخول تأتي لهذه الفئة في هذه المرحلة بسبب الإغلاق الصحي، ما يجعلها عرضة لأسوأ أنواع الفقر بعد أن عجزت عن توفير أبسط متطلبات الحاجات الإنسانية وهي الغذاء. استدعى هذا الأمر الجلل تدخلا ملكيا مباشرا وواضحا بضرورة الانتباه لهذا الشأن الخطير الذي يواجهه هذا القطاع المهم من الأردنيين والعمل على حله.
الحكومة والجهات الرسمية اجتهدت بتشكيل اللجان وإعلان الصناديق لدعم الاقتصاد وعلى رأسه عمال المياومة، بالإضافة لدعم السياحة الذي يشغل عددا مقدرا من عمال المياومة. هذا جيد لكنه غير كاف ولا مستدام وستواجه هذه الصناديق ولجانها معضلتين رئيستين: نقص المال وقد رأينا تسريبات تدلل على ذلك، ونقص المعلومات الدقيقة عن عمال المياومة وأعدادهم وآلية التحقق من المعلومات عنهم ما يجعل مهمة هذه اللجان غاية في الصعوبة والتعقيد. الصناديق وأموالها القليلة ليست حلا جذريا أو مستداما للتعامل مع هذا التحدي، وهي لا تعدو عن كونها تسكينا مؤقتا سيزول أثره سريعا في ظل أزمة يتوقع أن تطول لشهور، لذلك فالحل يكمن بمزيد من الفتح للقطاعات الاقتصادية التي تشغل عمال المياومة والحرفيين وذلك ضمن شروط صحية واضحة وصارمة. إذا سألنا أيا من عمال المياومة فإنهم سيفضلون العمل واحتمالية الإصابة بالمرض، على الجوع وعدم القدرة على سد حاجات أسرهم وأبنائهم. الفقر لئيم وقاس ولا يقارن وجعه بكورونا على سوئه.
لقد رأينا بالفعل بعض الخطوات والقرارات المشكورة التي استجابت لنداءات فتح الاقتصاد، ونسمع عن جهد الدولة للاشتباك مع القطاع الخاص والتشارك معه، وهذا خير وجهد طيب محمود. من بوادر الاستجابة السماح للمقاولين بالعمل في المشاريع الكبرى، وفي ذلك كسب للوقت وتشغيل لقطاع المقاولات المهم المشغل لعمال المياومة، وبعد السماح بفتح محلات البيع الصغيرة تم السماح للكبيرة الآن، وقد سمح أيضا للمطاعم بالعمل على طريقة التوصيل للمنزل وهذا أيضا مفيد لقطاع عمال المياومة. لا بد من التفكير بمزيد من السماح لبعض القطاعات بالعمل حتى تكتمل عناصر الدورة الاقتصادية لأن كثيرا من الأعمال تتكامل مع أخرى ولا تستطيع الاستمرار بدون قطاعات اقتصادية أخرى. هذا هو التفكير السديد والمنطقي الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح، فلا الصناديق واللجان قادرة على حل المشكلة على نحو فعال، ولا استمرار الإغلاق الصحي إلى حين القضاء على الوباء أمرا منطقيا من ناحية اقتصادية واجتماعية. الانفتاح الاقتصادي المدروس هو الحل ليس فقط لفئة عمال المياومة وإنما للمجتمع والاقتصاد بأسره.