حتى لا يخدعنا بعض الأثرياء

ظل جل الأثرياء المحسوبين على وطننا ،يلتزمون الصمت والبخل طيلة الأيام الأولى لأزمة فيروس كورونا،التي أصابت وطننا كجزء من البشرية،وعندما تحدث بعضهم في تلك الأيام كان حديثه نواحا على خسائره و توقف أرباحه ،مطالبا الحكومة بإيجاد سبل لتعويضه عن توقف تدفق أرباحه،وقد نجح هؤلاء في جعل أزمة فيروس كورونا خطراً اقتصاديا أكثر منه خطرا صحيا يهدد حياة الناس التي هي رأس المال الحقيقي للمجتمعات الإنسانية.

طال صمت الأثرياء المحسوبين على وطننا وبخلهم ، حتى إذا ما أعلنت الحكومة عن حساب همة وطن، وغيره من الحسابات الخاصة بالتبرعات، لتطويق تداعيات أزمة الفيروس، بدأنا نسمع بقوائم التبرعات، ورفعت بعض الجهات المبالغ التي كانت قد أعلنت عن تبرعها بها،وجاء الرفع لأسباب معلومة للمراقبين.غير أن المراقب يصاب بصدمة عندما يدقق بقائمة المتبرعين لصندوق همة وطن وغيره من الحسابات الخاصة بالأزمة وتداعياتها.

مصدر هذه الصدمة، أن التدقيق في قائمة المتبرعين يبرز لك حقيقة مرة، هي أن جل التبرعات الكبرى جاءت من جيوب المواطنين وفقرائهم على وجه التحديد،وإن كان ذلك قد تم بصورة غير مباشرة،فعندما تدقق في ملكية أسهم الكثير من البنوك والشركات الكبرى التى أعلنت عن تبرعها ،ستجد أن نسبة عالية من هذه الملكية يعود لجهات رسمية أو شبه رسمية يقوم رأسمالها على اشتراكات المواطنين في صناديق هذه الجهات، كصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ،بالإضافة إلى ملكية صغار المساهمين في ملكية الشركات والبنوك،مما يعني أن فقراء المواطنيين ومتوسطي الدخل منهم هم الذين يتبرعون لصندوق همة وطن وغيره من الحسابات الخاصة بالأزمة،بينما يختبئ كبار الأثرياء من روؤساء وأعضاء مجالس الإدارات وراء هذه التبرعات ،ليحصدوا الثناء على تبرعات تتم من جيوب المواطنين،بينما تظل جيوبهم عامرة بثرواتهم وتظل رواتبهم ومكافأتهم على حالها.

إننا نطالب بمزيد من الشفافية المطلقة في هذه القضية ،يتم من خلالها الإعلان أولا عن نسبة مساهمة الجهات الرسمية وشبه الرسمية في ملكية الشركات والبنوك التي تبرعت للحسابات التي أعلنتها الحكومة، لمواجهات تداعيات أزمة فيروس كورونا، كمصفاة البترول والأسواق الحرة والبنك العربي وبنك الإسكان، لأن في هذا الإعلان إنصاف للمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية المالكة لأسهم الشركات والبنوك التي تبرعات ،كما أن فيها حماية للقائميين على هذه المؤسسات، التي نأمل أن يتبرع بعضها باليمين ليمد اليسرى للحكومة لسد اي عجز مالي سيواجهه مستقبلا متذرعا بهذا التبرع، والأهم من هذا كله أن فيها تعرية للأثرياء الذين لم يمدوا أيديهم إلى جيوبهم وخزائنهم ليغيثوا الوطن في لحظة شدة، بعد أن أدمنوا مد أياديهم إلى خزائن الوطن وجيوب مواطنيه لينمي هؤلاء الأثرياء أموالهم ليشتروا بها قصورا وفيلات في جنيف وغير جنيف ،فهواء عمان لم يعد يناسبهم إلا عند تقاسم الأرباح وممارسة خداع الارقام والتهرب الضريبي