ماذا بعد انهيار اسواق النفط خالد الزبيدي

انهيار اسواق النفط لا يمثل اختلال العرض والطلب على الطاقة، وانما يعبر عن احتدام الصراع على قيادة العالم لعقود قادمة، بين امريكا وبريطانيا من جهة والصين وروسيا من جهة اخرى، بعد ثلاثة عقود من تفرد الولايات المتحدة الامريكية بالسيطرة على العالم كانت حافلة بالحروب الطاحنة والاعتداءات وتجربة كل انواع الاسلحة على الشعوب، المسلسل بدأ بعهد ادارة جورج بوش بالحرب على العراق وصولا الى بوش الابن الذي شن حروبا اوسع على افغانستان ثم على العراق، هذه الحروب كلفت الاقتصاد الامريكي تريليونات من الدولارات تفوق حجم الاقتصاد العراقي والافغاني عشرات المرات، فالنتائج المالية والاقتصادية وتشويه صورة الامريكي في العالم. الصين تقدم نموذجا متطورا في الاقتصاد والادارة وفعالية الاختراق الاقتصادي، وتقدم روسيا صورة من الرد السريع والمدروس على السياسة الامريكية وحلفائها في مناطق مختلفة حول العالم فالبداية كانت في اوكرانيا امتد الدور الروسي الى سوريا وتركيا لاحقا..وهذه التطورات الميدانية ادخلت العالم الى مرحلة جديدة من الصراع تتجلى فيها حروب  اساسها تجاري واهدافه سياسية في نهاية المطاف. العالم يترقب الاحداث ليس فقط اسواق النفط وحرب الاسعار الدائرة رحاها والتي تجاوزت توقعات بيوت الخبرة والمحللين، وانما يشمل اسواق الصرف وفوضى الاسعار وتدني المؤشرات الرئيسية في بورصات الاوراق المالية ( اسهم وسندات )، كلها مجتمعة ستقود الى صراعات اقليمية بملامح وتدخلات دولية وستقود الى اعادة رسم خريطة العالم. من اهم نتائج الحروب الامريكية على افغانستان والعراق وبشكل غير مباشر على سوريا اضعفت قدرة الولايات المتحدة على شن حروب جديدة بالمعاني التقليدية نظرا للخسائر الجسيمة المادية والبشرية والنفسية التي منيت بها خلال العقود الماضية، واعتمدت واشنطن على الحروب بالوكالة ماليا وبشريا، وكان ما سمي زورا بـ «الربيع العربي» نموذجا للسياسة الامريكية في المنطقة ومناطق اخرى الا انها نجحت في المنطقة العربية نظرا لضعف الاحزاب السياسية وقوى الضغط التقليدية في المجتمعات، وغياب الديمقراطية والتعددية وعدم تداول السلطة بشكل عام. المرحلة التي نجتازها ستكون حافلة بالمتغيرات، وفيروس كورونا قدم اختبارا عابرا لكنه كشف مكامن قوة وضعف النظم والادارات حول العالم، لذلك تشكل الصين اليوم قدرة فائقة للتطويق والمعالجة ورسمت مسبقا تاريخا للتخلص من الفيروس كورونا خلال شهر نيسان / ابريل، بينما نجد دولا يفترض انها متقدمة تحتاج لعقود مقبلة لرسم صورة مماثلة.. ووفق حسابات الامم والشعوب فالايام قد تعادل عقودا وهذا ما نراه هذه الايام.