عائلة المعكرونيات «نودلز وسباغيتي وأخواتهما»؛ هي بدورها تعاني من خلافات عميقة، حيث تناقلت جهات تمتاز بالخفة خبرا مفاده: الشعيرية تشاجرت مع المعكرونة، فقالت الشعيرية رح اتركلك البيت وأروح «اندومي».. في الفيزياء والكيمياء أيضا، ثمة قاعدة ثابتة تقول «أي نظام يسعى دوما للاستقرار»، فالريح مثلا، ليس في واردها نقل الماء لينهمر المطر، لكن المسألة كلها تتعلق بالحرارة ثم الضغط، فاختلاف الحرارة بين نقطتين تقعان في نفس المستوى، يولد تيارات هوائية، حيث تنتقل جزيئات الهواء الأقل حرارة الى المناطق الساخنة، وهذا تيار يسمى «تيار الحَمل»، يمكن ملاحظته عند تسخين ماء في دورق شفاف، وإضافة قصاصات من الورق اللامع الى الماء، سيتحرك الماء صعودا ونزولا حاملا معه القصاصات، حركة مترددة بين المنطقتين: الأكثر سخونة ، وهي «عين الغاز المشتعلة أسفل الدورق»، والأقل سخونة، سطح الماء عند فوهة الدورق، وثمة أنظمة عديدة تعمل أثناء عملية التسخين، كالحركة وقوانينها والضغط واختلافاته وأنظمة الكثافة والقوى الكهربائية المتعلقة بشحنات الذرات في المحلول الذي يتعرض لمصدر حرارة. هل تعلمون أن ثمة نظريات مختلفة في تفسير سلوك الضوء؟ أي ضوء. وكل نظرية تم إثباتها علميا، فهناك النظرية «الموجيّة» التي تقول بأن الضوء عبارة عن أمواج، بينما في نظرية الكوانتم تقول بأن الضوء جسيمات، لها وزن وتنطلق على شكل «فوتونات»، وثمة نظريات كثيرة أخرى لتفسير سلوك الضوء، وعلى الجانب الآخر ثمة نظريات وتيارات تتقصى سلوك العتمة المتأثرة بمقدار الضوء، فالكائنات التي لا عيون لها، كالخفاش مثلا، لا يخرج الا بالعتمة، ومثله كائنات كثيرة، بعضها لديه عيون مختلفة عن عيون كائنات لا تتحرك الا بوجود الضوء. حتى نمو النباتات وإزهارها ثم إثمارها، فلا يتعلق الأمر فقط بوجود الماء والهواء «الأوكسجين وغيره»، بل ثمة هرمون نباتي يفعل فعله في استطالة النبات، ويقال بأنه يحد منها، بينما هناك قول آخر يقول بأنه يزيدها، حيث ينفر «الأوكسجين» من الضوء، مبتعدا الى المناطق المعتمة، فتنمو الخلايا في المنطقة المعتمة، وهذا يفسر لماذا تتجه النبتة الى الضوء حين تنمو، بينما يعمل العكس في جذور النبتة فتنمو مبتعدة عن الضوء باتجاه القاع!..وفي العمليتين تعمل أنظمة كثيرة في النبتة وفي الطبيعة كلها، فالضوء في النهار يقوم «بتشغيل معادلة كيميائية» في النبتة، في ورقتها الخضراء تحديدا، ومن تواتجها انواع من السكر وطاقة وأوكسجين، أما في الليل وبعدم وجود الضوء، فالمعادلة تجري لكنها تنتج ثاني أوكسيد كربون بدلا من الأوكسجين.. فهناك تفاعل ضوئي وهو عملية البناء الضوئي «الكلوروفيلي»، والآخر عملية بناء ظلامي..تنتج منه مركبات مختلفة في عدد ذرات الكربون. لم نتحدث كيف ينتج النبات هرمون الفلوروجين وهو الهرمون المسؤول عن «الإزهار» في النباتات، ولا عن النباتات التي يختلف سلوكها تبعا لوجود الضوء وشدته كلها، بما فيها ذات الفلقتين وذات الفلة الواحدة. شفتوا الاختلافات والخلافات كيف تبني الحياة كلها على الكوكب؟! لكن علينا ان نتذكر بأن الأنظمة الطبيعية الساعية الى الاستقرار دوما، تمر بظروف متباينة، فيزداد تفاعلها أو يقل، لكن العملية مستمرة وفي كل مرحلة منها تمتاز بنواتج قد نعرفها جميعنا باعتبارنا جزءا من هذا التفاعل، لكن بيننا من يفهمونها أكثر، ويمكنهم التعامل معها بخبرة ويمكنهم أن يقولوا لنا أين ستنتهي ومتى سيختلف مقدار النواتج من هذه التفاعلات، ومتى يكون خطيرا أو مفيدا للبشرية والحياة على الكوكب، أولئك هم الذين يعلمون والفرق بينهم وبين الذين لا يعلمون جوهري، يكمن في الخفة، فالله العدل سبحانه أخبرنا بأنهما: «لا يستويان في أي ميزان».