من المنتج للمستهلك خالد الزبيدي

فكرة الاسواق الشعبية ليست حديثة فقد طرحت منذ عقد ولم تطبق كما يجب لذلك استولى عليها الوسطاء ومحتكرو البسطات وتم إفراغ الفكرة من مضمونها اي لم تخدم لا المنتجين ولا المستهلكين من اصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة، اليوم تعيد الحكومة الكرة مجددا، الفكرة ممتازة ولنجاحها يفترض ان تراقب بمسؤولية عالية حتى لا تختطف او تحيد عن اهدافها ..وهي إزالة حلقات الوسطاء بين المنتجين والمستهلكين وتوفير الخضار والفواكه بشكل مناسب وبهامش ربح بسيط بما يساهم في عقلنة اسعار الاغذية التي ارتفعت الى مستويات مؤلمة.
حالة الانفلات السعرية في الاسواق المحلية لا يمكن معالجتها بتصريحات موسمية او تخفيض شكلي لأسعار عدد من السلع، فالتفاوت في اسعار السلعة الواحدة من منطقة الى اخرى يتجاوز التكلفة الادارية والايجار وهامش الربحية ويكشف المبالغة في الاسعار بهدف تحقيق ارباح ظالمة على حساب قوت الناس في ظل ظروف اقتصادية اجتماعية صعبة، ففي فصل الشتاء لم تنخفض اسعار الحمضيات والخضروات واصبح الحصول عليها بحسابات دقيقة، اي لم يتبق امام المستهلكين حتى المنتجات الموسمية المحلية.
التفاوت السعري في السوق يؤكد ان هناك ايادي خفية تلعب في الاسواق المركزية للخضار والفواكه فهي بحاجة الى علاج جذري بإزالة الاورام التي تمتص جهد المزارعين وخيراتهم، ففي بعض الاحيان يرسل المزارع منتجاته من الخضراوات بعد جهد وعناء وإنفاق اموال وتكون النتيجة ان يعود بخفي حنين واحيانا يدفع من جيبه لانخفاض الاسعار، اما المستهلك فيشتري الخضار والفواكه باسعار مرتفعة، والسؤال الذي يطرح هنا من يستولي على الارباح العالية من هذه العملية؟، والجواب معروف هم الوسطاء في الاسواق المركزية للمنتجات الزراعية.
كثير من المتسلطين على الاسواق المركزية هم من يوصف بعضهم اليوم بالمستثمرين، كانوا بالامس عتالي السوق، ورويدا رويدا اتقنوا اللعبة واستولوا على الاسواق بشكل مباشر وغير مباشر، اما المالكون الحقيقيون تحول غالبيتهم الى تأجير رخصهم لعمال وافدين لقاء مبالغ زهيدة، ويتحكمون بالاسعار والمزايدة اليومية على المنتجات وفق مصالحهم واهوائهم، وفي نهاية المطاف يدفع المستهلكون الثمن مضاعفا، في ظل ارتخاء الجهات المعنية وضعف المعالجة وامتهان التبرير.
قطاع الزراعة يحتاج الى دعم حقيقي وإطلاق منظومة متكاملة من التسهيلات والإجراءات لتخفيف تكاليف الانتاج الزراعي لتغطية الاحتياجات المحلية منها، وتشجيع وتنظيم التصدير وتقديم حوافز مالية وغير مالية لزيادة ايراداتنا من المنتجات الزراعية، الحاجة باتت ماسة لوقف الإجراءات والممارسات التي تسعى بأي طريقة لاستجرار المال من القطاع ..فالزراعة معيشة الاردنيين منذ عقود وعلينا المحافظة عليها.