اكدت جميع الاصوات في البرلمان الاردني وقوفها التام خلف جلالة الملك عبدالله الثاني صاحب الولاية المقدسية في الدفاع عن القضية المركزية للامة التي تشكل القدس والقضية الفلسطينية عنوانها، واجمعت اصوات التعددية السياسية الاردنية في البرلمان على تعدد طروحاتها وتنوع مشاربها عن دعمها الراسخ لعدالة قضية شكلت ومازالت تشكل قضية شعب اراد الحياة وهو ما فتئ يقاوم من اجل حريته بكل الوسائل الميدانية الممكنة والسياسية المتاحة والدبلوماسية المتوفرة والقانونية المشروعة من اجل جلاء الاحتلال الاسرائيلي الذي يعتبر اخر احتلال في عصرنا الحالي فلا يوجد وطن محتل الا فلسطين ولم يبق شعب مشرد عن ارضه سوى الشعب الفلسطيني فلا بد ان يشكل صوت الضمير الانساني عنوان الاستجابة كما تشكل قرارات الشرعية الدولية عنوان الحل.
واذا كانت الرسالة التي بينتها الامة في البرلمان قد بينت صدق حرصها على السلام الذي يراد تكوينه من اجل مستقبل المنطقة والامن السلم فيها فان العمل من اجل تشييد حالة يمكن البناء عليها في حفظ موروث التاريخ الانساني وصون الحضارة الانسانية في مركزها الرئيس يستوجب ان تشكل منطقة مهد الحضارات عنوانها وفق نموذج تصالحي يعود بالفائدة علي ما يراد تشكيله لاقليم متصالح مع ذاته قادر على احداث نموذج تشاركي تنموي متميز يبعد المنطقة عن شبح الدخول في اصطدام حضاري قد يحمل نتائج كارثية على درجة السلم الاقليمي فيها ويضع المنطقة في خانة المناطق غير الامنة وغير المستقرة وهو ما سيعرض السلام الدولي الى تهديد مباشر.
فان سلبية عدم التفاعل التي تعاطت معها شعوب المنطقة ازاء القرارات الاستفزازية التي اتخذها الرئيس ترامب لا تعني استكانة الشعوب وبالتالي القبول او حتى الاذعان لما هو مطروح لكنه يعني (انهم مش قابضينك) فان هذا التعبير في ثقافة اهل المنطقة باستخدام سلبية التفاعل هي درجة اخطر من درجات التفاعل في التعبير فان البحر الهادئ وهو البحر العميق عظيم التاثير، فلقد كان من الاسلم ان يحمل اخراج الجملة المركزية حالة تشاركية تقوم على ارضية عمل تحترم فيها الشرعية الدولية ولا تقوم وفق احداثيات احادية تشرعن ما يراد فرضه بالقوة فان الخضوع لسياسة الامر الواقع قد تناصر رايا لكن لا تصنع حلا، كما لن تحدث حالة يمكن البناء عليها في ايجاد مناخات مصالحة اقليمية قادرة على اطلاق تيار الحضارة الانسانية للبناء التنموي الذي يؤطر الثقافات وكما المذاهب الانسانية في اطارها الناظم.
فان الاردن الذي ينطلق من اجل السلام ويعمل من اجل السلم الاقليمي والامن الدولي والذي كان قد قدم الكثير من البراهين القاطعة في الذود عن المنطقة في مكافحة الارهاب والتطرف وبين بالدلائل الساطعة صدق نواياه في دعم الموروث الانساني وكما اظهر في كل المحافل الدولية وجولاته الدبلوماسية مقدار الموضوعية التي تتمتع فيها اراؤه وهو يعبر عن صوت الجموع في المنطقة وينادي بضرورة المشاركة بالصياغة وليس الاعلام بالقرار وضرورة المفاوضة في البيان وليس الاقرار على ما تم او ورد ذكره هي الوسيلة الانجح، فان التشاركية بحاجة الى اجماع الجميع على ارضية عمل والتي اتفق الجميع على ان تكون ارضيتها القرارات الاممية ومقررات الشرعية الدولية، فهل يمكننا اطلاق مفاوضات من على هذه الارضية ومن واقع مبادرة جديدة تطلقها الامم المتحدة صاحبة الولاية الاساسية في الدفاع عن مقرراتها، هذا ما نامله ونتطلع اليه حتى يستقيم الحال وتبدد المخاوف وتعود للعملية السلمية مكانتها من خلال اطلاق مفاوضات جادة تفضي لتحقيق الانصاف لصوت العدالة والارضية الصلبة لتشكيل تيار اقليمي عريض وهو ما يريده جلالة الملك ويسعى اليه في بناء حالة اقليمية جديدة.