نحن والزيت توأمان !!

والزيتُ طِيبُ الأنبياء وإدامهم.
زيت الزيتون جزء أصيل في حياتنا، لصيق بنا، كالخبز والماء والهواء، لا تخلو منه وجباتنا اليومية، يزين موائدنا صباحًا مع الزعتر والدقة واللبنة والمقدوس، ويشكّل ظهرًأ أو مساء، المكون الأساس الذي يعطي لقلاية البندورة، مذاقها اللذيذ الشهي.
شح زيت الزيتون، بفعل شح أمطار الموسم المطري، وارتفاع أسعاره، بات مبعث قلق وطني، وانتظار قرار سديد، من وزير الزراعة الرشيد.
وقد أثبتت الدراسات ان الأصول الجينية لزيتون حوض البحر الأبيض المتوسط في قبرص وإسبانيا وإيطاليا، تعود إلى زيتون المهراس في الهاشمية.
وأثبتت دراسة فرنسية أجريت بواسطة فحص الكربون على متبقيات في منطقة وادي رم أن عمر شجرة الزيتون نحو 7400 عام، ما يعزز أن الأردن موطن الزيتون.
أعتقد أننا مكرهون على استيراد زيت الزيتون لسد الفجوة بين العرض والطلب، وأرى ان يحال أمر الاستيراد من سوريا وتونس وإسبانيا وغيرها، إلى المؤسستين الاستهلاكيتين العسكرية والمدنية.
وبالمناسبة، كان أهل الطفيلة يزودون الحرم الإبراهيمي بزيت الزيتون لإنارة مصابيحه طيلة عشرات الأعوام، يفرزون، ما كانوا يسمونه «مُدْ الخليل» من بيادرهم، ويرسلون الغِلال الوفيرة التي تتجمع، إلى أهلهم في الخليل، التي هي أقرب إلى الطفيلة من عمان، للإنفاق من ثمنها، على صيانة الحرم الإبراهيمي الشريف، لا لقلةٍ عند الخلايلة، أهل النخوة والفداء، بل كبركةٍ يؤدونها «من راس الكوم».
لقد ظل هذا الالتزام الذي يملأ أبناء الطفيلة والأردن فخرًا وزهوًا، مستمرًا بلا انقطاع، إلى أن جثم الاحتلال الإسرائيلي، على الضفة الغربية في حزيران 1967.
وفي الطفيلة، كنا نهرع في فرصة الغداء المدرسية «التطليقة» إلى بيوتنا، حيث «الزّير» المترع بالزيت، يجثم على يمين الداخل، يغطي «فرعَته»، صحنُ توتياء، يحمل «كيلةً» من القيشاني، وعلى يسار الباب يربض «مقطفُ» قشٍ ملونٌ، يكنز عدةَ أرغفة من خبز الطابون.
كنا نتناول ذلك الغداء الشهي «على الواقف»، «ندِب» الكيلةَ في جوف الزير، فنغرف منه زيتًا أخضر ثقيلًا فواحًا، نقضم أرغفة الطابون المُحمّر الساخن المُقمّر، ونشرب مع كل قضمة خبز، «شَفّةً» من الزيت المُعطّر اللاذع الفواح