أيهما أول: التوقيت الشتوي أم الصيفي؟

بمناسبة إصرار الحكومة على قرار العمل في التوقيت الصيفي، وعدم التراجع عن قرار الحكومة السابقة في توحيد التوقيتين الشتوي والصيفي، أعيد نشر مقال كتبته قبل سبعة أعوام. وأنصح الحكومة أن تقرأ المقال، وأن تمعن في مسألة الزمن والوقت أردنيًا.
وأن تلاحظ حركة ساعة اليد أو الحائط أو الموبايل، وتفكر في معنى الزمن، وماذا يعني تجميد التوقيت؟
وكما خطر في بالي سؤال: أيهما أولًا، التوقيت الشتوي أم الصيفي؟
ومن يقرر مشروعية بداية التوقيت شتويًّا أم صيفيًّا؟ وإذا ما اتفقنا سوف نضبط الساعة على حركة عقاربها.
في البدء كان التوقيت الشتوي، وما يجعل من افتراض العمل بالتوقيت الصيفي قسرًا وعنوة، ويخالف أصول بدايات حركة الزمن.
وتاليًا نص المقال: حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور كانت قد اتخذت قرارًا بالتعامل بالتوقيت الشتوي، وعدم الإبقاء على أيٍّ من التوقيتين على مدار العام دون تغيير. لم يصمد القرار طويلًا، وبعد فترة زمنية قصيرة قررت الحكومة التراجع عن قرارها بالعودة للعمل بنظام التوقيتين: الصيفي والشتوي.
الحكومة دافعت عن قرارها، وبررت بأنه يساعد في وقف الهدر والإنفاق الحكومي في فاتورتي المحروقات والكهرباء. وحتى الآن لم تُفسر كيف يجري ذلك، ولم أنشغل في البحث عن حقيقة ركيكة وضعيفة أمام حركة زمن حتمية.
وليس الأمر المهم أن الحكومة تجرأت على حركة الزمن الساكن والمنسال، ولعبت بعقارب الساعة، وعطلت حركتها، وكادت أن تدخل إلى ميكانيكا الساعة وقلبها النابض لتعطّله، أو تتحكم في مساراته يَمينًا وشمالًا.
ليلة البارحة تقدمت الساعة ستين دقيقة، والهواتف الذكية تُجري عملية تقديم الساعة الرقمية إلكترونيًا، دون أن تفكها وتحرك العقارب، أو تستبدل الأرقام وتوزعها على هواء التوقيت الجديد: صيفي أو شتوي.
خطوة إلى الأمام، تقدمت الساعة ستون دقيقة بقرار حكومي. ستون دقيقة تضيع من العمر، قفزٌ زمنيٌّ في فراغ مستقيم، لا تعرف لمن تُحسب، ساعة تمر على عجالة بقرار حكومي، ولماذا؟
الحكومة أخذت ساعة من العمر، وكل عام تأخذ ساعة، ولا نعرف أين تذهب بها، لا أعرف، ولكن هذه المرة يبدو أني مستعد لاستقصاء حركة الزمن على ثقالة همّها، ووازع قلقها، وفظاعة تفاصيلها نفسيًا ووجوديًا وإنسانيًا.
فلا تفطن الحكومات لأهمية الوقت/الزمن إلا عند تبديل الساعة بتأخير وتقديم ستين دقيقة. والوقت طوال العام مهدور وضائع ومنحوس ولا قيمة له، وآخر ما قد يجري التفكير باحترام وتقدير وعناية له.
في أدراج مكتبي خمسون ساعة يد، كلها معطلة، بدها صيانة وتركيب بطاريات، ولربما ليس عجزًا ولا مبالاة مني، ولكن لا أحبذ ارتداء ساعة شغالة بالسليم، ورغبة نفسية بأني عندما أنظر إلى الساعة أرتعب من تغيير الوقت، وحتى ساعات الحائط في البيت جميعها معطلة «خربانة»، ولا أرغب بإصلاحها، وقد يكون هذا جموحًا لخوف ورعب من الزمن، وهذا حقيقي، وإني أعترف.
تبديل الوقت بالتقديم والتأخير يقدم مصلحة ومنفعة للبعض، حاربت قرار الحكومة بإبقاء العمل بنظام التوقيت على مدار العام دون تغيير. ولا أظن أن الحكومة استجابت لضغط شعبي ورأي عام، بقدر ما أن هناك من مصالح ومنافع تضررت، وبعدها جراء قياس المعادلة وحسابها تدخلوا في القرار.