ضمن برامج الصباح، بثت قناة أردنية فقرة تستضيف في الاستديو مربي كلاب وكلابًا أليفة.
وبدا على مقدمي البرنامج الاهتمام البالغ والمنحاز لتقديم صورة جميلة وإيجابية عن الكلاب، ولتعريف المواطنين المساكين أن هناك في بلدنا كلابًا أليفة ومؤدبة، ولا تعضّ. والفقرة التلفزيونية وضيوفها، كما لو أنها دعائية ومبرمجة مسبقًا لإزاحة أي عداء تجاه الكلاب، وإطلاق مفاهيم وأفكار إيجابية حول الكلاب.
وطبعًا، ضيوف الفقرة، وهم من مربي الكلاب، ومن لهجتهم ومنطوق لسانهم، يبدو أنهم ينتمون إلى «جوردن».
صراحة، ما سمعته من ضيوف ومقدمي البرنامج غريب على مسامعي، وكلام مفعم بالإنسانية والحقوق والرعاية والمسؤولية. ودفاع مستميت عن صورة الكلب العامة.
وأحد الضيوف لمح إلى أن ثمة مؤامرة خطيرة تتعرض لها الكلاب في الأردن، وأكد أن حملة العداء اتجاه الكلاب غير واقعية وظالمة.
ضحايا حوادث اعتداء الكلاب في الأسابيع الماضية يزاحمون وينافسون حوادث السير والأخطاء الطبية وجرائم المخدرات.
في المفرق، قطيع كلاب يعقر طفلًا ويتسبب في وفاته، وفي إربد ومحافظات الشمال سُجلت ستّة حوادث عقر لأطفال وشباب، وفي قرى بالكرك ومعان، رُصدت تقارير عن غزو واقتحام الكلاب لبيوت المواطنين.
وطبعًا، مقدمو وضيوف البرنامج تغاضوا عن طرح اعتداءات الكلاب الضالة والمتوحشة والجعارية، وحوادث الاعتداء اليومية للكلاب، وحالات العقر التي يتعرض لها أردنيون. وما طغى على البرنامج محاولة تصدير فكرة أن الكلاب مظلومة، وأن المواطن الأردني ظالم وغير منصف في تضخيم قضية الكلاب.
وفي أثناء بث البرنامج، على الشريط الإخباري نُشر خبر عن حادث عقر كلبٍ لعجوزٍ في القطرانة، وحالته الصحية حرجة. هل معقول أن الأردنيين ظلموا الكلاب؟ وموضوع الكلاب انتقل من انشغال واهتمام الإعلام والسوشيال ميديا والرأي العام إلى أجندة الحكومة والنواب.
أعجبني تعليق قرأته على الفيسبوك، يقول: عدد الكلاب الضالة في الأردن يفوق الأغنام والثروة الحيوانية بأضعاف.
يبدو أن ثمة «تيارًا ليبراليًا» متحمسًا ومندفعًا في الدفاع عن الكلاب، وخلق حالة اصطفاف ضد الدعوات الرامية إلى التخلص من الكلاب المسعورة والجعارية والضالة بقتلها. دفاع مستميت عن الكلاب الضالة. ويبدو أنهم نجحوا في خلق لوبي ضاغط على صناع القرار، وحالة توجس وخوف متربص من سمعة الأردن أمام الجهات الدولية، ومنع الحكومة من اتخاذ أي قرار حاسم في موضوع الكلاب الضالة وحماية المواطنين، بعدما أصبحت الكلاب الضالة ظاهرة يومية تثير مخاوف متزايدة بين المواطنين، وخصوصًا الأطفال والمسنين، وتكرار الاعتداءات وتزايد الإصابات من حوادث العقر.
يجوز أن المدافعين عن الكلاب لا يعانون من شرور أعمالها، وليسوا معرضين لحوادث العقر، ولا يواجه أطفالهم صباحًا ومساءً، إن خرجوا من البيت، كلابًا مسعورة وجعارية مفترسة وقاتلة.
لم أسمع يومًا عن كلب جعاري عقر طفلًا أو مسنًّا في عبدون أو دابوق أو دير غبار. في الشق الغربي من عمّان، يُنفق سنويًا ملايين الدنانير على تربية وإطعام الكلاب.
ثمة انقسام خطير في الأردن، وكاد من شدة السخف والانحطاط والسذاجة العامة أن ينحصر في موضوع الكلاب الضالة. وهل من حق هؤلاء المنعمين بالرفاهية والترف والاقتصاد الناعم أن يصرخوا ويُلقِّنوا الشعب البسيط درسًا في حماية حقوق الحيوان، وردع ومهاجمة والتحشيد ضد أي قرار حكومي لحماية المجتمع من الكلاب الضالة؟