بين الأمل وتحقيق الأحلام، ستبقى الذاكرة تهز المكان…
وضعت الحرب أوزارها، وغزة بعد الطوفان تبدأ رحلة الإعمار والبنيان. فما هدمته الحرب تبنيه الإرادة القوية المفعمة بالأمل، وما أضعفته النيران تُعيده قلوب لا تعرف الانكسار؛ قلوب عشقت الأرض والمكان، وأحبّت الحدث في الزمان والمكان.
من بين الركام والدمار تخرج زهرة متفتحة الألوان، ومن تحت الغبار يسطع وجه طفل يبتسم للحياة، وكأنه يقول: "ما زلنا هنا، وسنظل صامدين".
غزة، التي واجهت العدوان، لا تنحني لأي كان، فهي مدينة كتبت تاريخها بالدم والدمع والصبر الجميل. كل حجر فيها يحكي قصة بيت صمد، أو أم ودّعت أبناءها لتزرع في الأرض رجاءً جديدًا.
بعد الطوفان، لا مكان لليأس، ولا وجود للأحباط. الأبواب المهدمة ستُعاد نصبها، والشوارع ستُكنس من رماد الحرب وآثار الدمار، لتستقبل خُطى العائدين مع نشوة الانتصار. سيرتفع الأذان من مآذن أعادها الإيمان، وغزة بعد الطوفان مدينة تعود لتغسل جراحها بدموعها، وتغني للحياة رغم الألم، وتكتب على جدرانها:
"هنا كانت الحرب، وهنا تبدأ الحكاية من جديد."
وغزة، بعد الطوفان، لا تنادي بالعطف، بل بالعزيمة. تمدّ يدها للأمة لتقول: كونوا معنا بالفعل، لا بالقول، بالبناء لا بالدموع لتضميد الجراح. فما عاد في الأرض متسعٌ للصمت، ولا في التاريخ مكان للغافلين، ولا حتى للمتخاذلين.
غزة، التي نزفت من أجل الكرامة، تستحق أن تُروى بالخير والأمل، لتزهر من جديد وتُبنى بجهود العرب والأحرار، لتظل منارة للصمود ودرسًا في الكبرياء. فليكن إعمار غزة بدايةً لإعمار الضمير، ولْيكن نهوضها وعدًا بأن النور لا يُطفأ مهما طال ليل الطوفان.