عامان على المقتلة: من يدفع ثمن الدم... ومن يربح من الإبادة؟

في الذكرى الثانية للمقتلة  المستمرة  في قطاع غزة، لم يعد السؤال عن الحياد الغربي مطروحا،  فالمواقف، التمويلات، والتصريحات باتت مكشوفة، والمعادلة.. إسرائيل تقتل، والغرب يُموّل، في المقابل فان خلف كل قنبلة هناك فاتورة، وخلف كل تصريح داعم هناك صفقة، فمن يدفع، ومن يربح، ومن ينهار أخلاقيا.
الكيان الصهيوني الضحية بات الان انعكاسا واضحا لمشروع نازي ممول غربيا، فالقنابل التي تنزل على رؤوس المدنيين في القطاع بآلاف الاطنان امريكية، والمجني عليهم مدنيون رآهم العالم اي ان هذه الحرب لم ولن تكون «ردا على الإرهاب»، بل إعادة إنتاج لخطاب «الحل النهائي».
اما استهداف المستشفيات، المدارس، ومخيمات اللاجئين سياسة ممنهجة، لا خطأ عسكري، والتصريحات الرسمية لنزع إنسانية الفلسطينيين،  ومبررات الإبادة ضرورة أمنية، واذا ما تطرقنا الى رفض إسرائيل المستمر للقرارات الدولية، وتحديها العلني لمحكمة الجنايات الدولية، نؤكد المؤكد بانها تعتبر نفسها فوق القانون، فهي مدعومة من أنظمة تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان.
الكلفة المالية للإبادة، خاصة وانها الموضوع الابرز بعد عامين، من يدفعها؟، هذه المذابح كلفت دولة الكيان 89 مليار دولار، التمويل كان داخليا حيث تضخمت ميزانية وزارة الدفاع على حساب التعليم والصحة، ورُفعت الضرائب وتوسع الاقتراض، اي فرض معاناة على اقتصاد العدو الصهيوني كالتضخم، تراجع الاستثمار، وهروب الكفاءات.
خارجيا، فقد دعمت واشنطن الكيان باكثر من 22  مليار دولار منذ اندلاع الحرب، إضافة إلى الدعم السنوي الثابت، بتمويل غير مباشر من دافعي الضرائب الأمريكيين حيث ترتكب الحرب دون مساءلة أو شفافية.
ولم تتوان بعض الدول الأوروبية عن تمويل هذه الحرب، فرغم غياب الأرقام الدقيقة، كان الدعم عبر صفقات عسكرية وتسهيلات مالية، وخلال العام الماضي زادت صادرات الاسلحة الاوروبية للجيش الصهيوامريكي بنسبة 40%، عدا عن التواطؤ السياسي الأوروبي الذي كان واضحا اكثر من أي وقت مضى.
وفي قراءة للارقام بلغت حجم صادرات السلاح 15 مليار دولار العام الماضي وبالتأكيد مثلها حتى نهاية العام الحالي، اي ان هذه الدول الداعمة غذت صناعاتها العسكرية، واذا ما ضيقنا الدائرة نجد ان الكيان الصهيوني وواشنطن استثمرا في خطاب الإبادة لتوسيع سلطتهما السياسية، وتبرير العنصرية.
في المقابل ورغم التقليل من جدواها، انتفضت الشعوب حول العالم خاصة الغربية، فكانت مظاهرات غير مسبوقة في العواصم الغربية انتقلت من الشوارع الى ساحات القضاء، تطالب بوقف الدعم العسكري للكيان الصهيوني، ففي ألمانيا، نشطت منظمات حقوقية تطالب بوقف تصدير الأسلحة، وتتهم الحكومة بانتهاك القانون الدولي عبر تمويل الإبادة، وفي إيطاليا تواجه رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني مع وزيري الدفاع والخارجية ومدير شركة «ليوناردو» الإيطالية للصناعات الدفاعية دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية، وفي فرنسا يحضر لمثلها، وهذا لا يمثّل مجرد احتجاج قانوني، بل بداية مساءلة دولية.
اعلاميا، نجح خطاب المقاومة الفلسطيني بشكل لا مثيل له حتى مناصرو الصهيونية انقلبوا عليها، والان نرى صحفا عالمية بدأت بنشر مقالات رأي تنتقد التواطؤ الغربي.
في هذا الزمن الذي تسقط فيه الأقنعة، لم يعد الصمت خيارا، فاستمرار تمويل هذه الحرب لا يعكس فقط تواطؤا سياسيا، بل انهيارا أخلاقيا عالميا، الا ان الشعوب رفضت وانتفضت، والإعلام فضحهم والاقلام قاومتهم، فغزة ليست مجرد جغرافيا، بل مرآة تكشف من يقف مع العدالة، ومن يموّل الإبادة.