قبول حماس لخطة ترامب

كما حصل في مبادرة 7 أكتوبر 2023 الكفاحية، التي أوقعت المفاجأة على المجتمع الإسرائيلي، والصدمة لمؤسساته العسكرية والأمنية، أقدمت حركة حماس بوعي يقظ، ووطنية زائدة، وتفانٍ لا صلة له بالغرور، أو الادعاء بالتفوق، أو رغبة في تقديم التنازلات، و قررت يوم الجمعة 3/10/2025، قبول خطة الرئيس ترامب المليئة بالالغام والفجوات ونقلات الغفلة.
خطة ترامب الأميركية الإسرائيلية المشتركة، وضعت الخطة بهدف تحاشي الوقوع بالعزلة، ونقل المستعمرة من موقع الفشل والاخفاق، إلى القفز عن الهزيمة، ومحاولة إبراز مظاهر الانجاز، ولكنها أعادت الصراع إلى جذوره، إلى حقيقته، إلى بواعث أسبابه وأدواته وأهدافه:
الصراع على الأرض، والصراع على مكونات البشر، تمكنوا من احتلال كامل خارطة فلسطين، بدعم أوروبي سابق، وأميركي لاحق، ولكنهم فشلوا استراتيجياً في طرد وتشريد وترحيل وإبادة الشعب الفلسطيني، وإنهاء وجوده على الأرض، ولهذا ما شاهده أهل القطاع وعاشوه هو العمل الإجرامي للتخلص منهم، بالقتل والتجويع والمرض والعطش واستعمال كل أدوات الموت، في مسعى لتقليص عدد الفلسطينيين بالقتل أو الترحيل، والحصيلة أنهم احتلوا فلسطين، كل فلسطين، ولكنهم لم يتمكنوا من التخلص من الفلسطينيين، كل الفلسطينيين.
بات الصراع واضحاً حول الوجود البشري الإنساني الفلسطيني على أرض فلسطين، ولذلك أدرك الفلسطينيون أولوياتهم، وهو البقاء مهما قست الظروف، وتعقدت معايير السياسة، فالثمن باهظ بالأرواح والممتلكات، باهظ جداً، ولكن تعلموا نحو عدم تكرار ما وقع لهم عام 1948، عام الرحيل والهجرة واللجوء، ولذلك جاء القرار بالموافقة الذكية لقطع الطريق على مخططات ترامب الداعمة على العمى لمخططات المستعمرة الإسرائيلية.
المقاومة رغم خسارة شعبها القاسية، ولكنها أنقذته من مواصلة التعرض للقتل والموت والدفع نحو الرحيل، وبقرارها شكلت صدمة لقيادة المستعمرة أنها قبلت بخطة ترامب ولو كان على مضض، فالصراع الدامي على الأرض وفي الميدان، سينتقل نحو العناوين السياسية والإجرائية المرافقة، بالاجحاف والظلم وغياب الروافع المادية الحقيقية لمواصلة المواجهة القتالية، والحاضنة الشعبية المتبقية المسكونة بالجوع والعطش، والحرمان من أبسط مقومات الحياة.
قرار القبول بخطة ترامب، كسب للقيادات العربية الإسلامية الثمانية التي التقت ترامب عشية انعقاد المؤتمر الدولي لحل الدولتين، لدى الأمم المتحدة بمبادرة سعودية فرنسية.
وزير خارجية الباكستان كشف التلاعب والتزوير والتغيير على خطة ترامب لصالح نتنياهو والمستعمرة، ومع ذلك بقي المطلوب الفاقع وهو: وقف الحرب، فتح أبواب غزة للمساعدات الاغاثية والعلاجية، تبادل الأسرى، عدم بقاء قوات الاحتلال على أرض قطاع غزة، ومواصلة الطريق، مواصلة الحياة، مواصلة النضال، مهما غلى الثمن وتعددت المعارك والمحطات.
معركة 7 أكتوبر وتداعياتها المحطة الرابعة في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، لم تنتهِ المحطات الثلاثة بالانتصار، ولكنها انتهت بالإنجازات التراكمية على الطريق الطويل نحو حرية فلسطين، وإخفاق مشروع المستعمرة الإسرائيلية.
أوروبا صنعت المستعمرة قبل أن تتبناها الولايات المتحدة كاملة، تحولت انحيازات شعوبها الأوروبية لصالح فلسطين ضد المستعمرة، وهي نقلة نوعية مهمة ضرورية، ومكسب سياسي، دفع ثمنه الشعب الفلسطيني، وسيبقى على الطريق حتى ينتزع حقه نحو القدس عاصمة فلسطين وامتداداتها الوطنية الجغرافية.