ما تزال إسرائيل تصرّ على حربها الوحشية على الأهل في غزة، مجازر يومية، وشهداء بالعشرات يوميا أغلبهم من الأطفال والنساء إن لم يكن جميعهم، تدمير للمدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء وخيم النازحين، صورة تجاوزت حدود استيعاب عقول البشرية، بشاعة وإجرام لم تسجله أقلام المؤرخين ولم تشاهده أعين البشرية لكافة الحروب التي شهدتها شعوب الأرض، وجع بدأته إسرائيل ولم ينته حتى اللحظة.
منذ صباح أمس وحتى عصره دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي (5) منازل في محيط شارع أبو حصيرة غرب مدينة غزة، ويقابل ذلك جهود تبذل من الأردن والدول العربية والعالم لوقف هذه الحرب، التي تعددت أوصافها ما بين المروعة والإبادة والمجازر والوحشية واللاإنسانية، وغيرها من الأوصاف والمسميات، التي حقيقة لم تعبّر عن بشاعة ما يحدث، سيما وأن ما نراه جزءا يسيرا من واقع خطير تعيشه غزة منذ العامين، ما بين الشهادة والجوع والعطش والبحث عن مكان آمن بعيدا عن القصف، والوجع من إصابات لم تعد تلقى علاجا.
ووسط هذا الظلام الدامس، وعتمة الإجرام الإسرائيلي، يظهر بصيص أمل للغزيين والعالم، عندما قال جلالة الملك عبد الله الثاني أمس الأول خلال لقائه بعدد من رؤساء الوزراء السابقين، إن عملا أردنيا «بالتنسيق مع الأشقاء العرب والشركاء على تفاصيل الخطة الشاملة حول غزة التي عرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على القادة العرب والمسلمين، مؤكدا أنها شهدت توافقا بنسبة كبيرة»، لتتجه الأنظار بعين التفاؤل والأمل بوجود عمل وسعي عملي وحقيقي لوقف نزيف الدم في غزة، ووقف هذه الحرب التي جعلت من السلام حلما صعب المنال، ومن يوم هادئ في غزة وسماء غزة صافية تختفي منها القذائف والصواريخ مستحيلا.
البيت الأبيض أمس، أكد على لسان المتحدث باسمه أن ترمب يعمل بجد على خطة وقف الحرب وقد تواصل مع قادة عرب بشأنها، وأن الرئيس الأمريكي يؤمن بقوة بهذه الخطة ويريد أن تنتهي الحرب ويرغب في أن تكون هذه الفرصة لإنهائها، فيما تستمر إسرائيل بحربها على غزة، بقصف المنازل وبالأمس قصفت مسجد السلام في حي الصبرة جنوب غزة، فيما تجاوز عدد الشهداء والجرحى في غزة أكثر من 250 ألفا، وما تزال أعداد كبيرة تحت الركام، ما يجعل من التفاؤل حذرا، والأمل متواضعا، بخطة ترمب، على الرغم من القناعة التامة بجدية الولايات المتحدة الأمريكية والعالم اليوم في مساعيهم لوقف الحرب.
تعيش غزة وكأنها جزيرة معزولة، بل هي كذلك لما يدور من حولها وبشأنها على مستوى دولي، الأمم المتحدة ما تزال أروقتها تحتضن يوميا لقاءات ومؤتمرات وأنشطة سياسية ودبلوماسية لوقف الحرب على غزة، والعالم وكافة عواصم صناعة القرار العالمي تعمل جاهدة لإحلال السلام، والوصول لتنفيذ عملي لحل الدولتين، والخطى تتسابق أردنيا وعربيا ليكون 7 تشرين الأول القادم، حالة سلام لغزة، تقف بها الحرب، وتتدفق المساعدات، وتبدأ مرحلة الإعمار، لكن للأسف كل هذا بعيد كل البعد عن واقع غزة، التي ما تزال تعيش حربا هي الأقسى بتاريخ البشرية، تعيش حربا لا تتوقف لالتقاط أنفاس من الراحة والصمت ، لا تتوقف لدقائق تمنح أطفال غزة العيش بسلام لدقائق، ولا للعب كغيره من أطفال المعمورة، فقد سجلت أحدث الأرقام أن (50) ألف طفل يتيم في غزة، وأكثر من (4) آلاف طفل بترت أطرافهم!!!!
ساعات مصيرية تنتظر غزة، لن يفرط الغزيون بالأمل، لكنهم لن يفقدوه، وسط تحرّك دولي جاء في جزئه الأكبر بجهود أردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بالاعتراف بدولة فلسطين، وجهود هي الأولى بتاريخ القضية الفلسطينية لتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الثابت الأردني تاريخيا لحل عادل للقضية الفلسطينية، يوازي ذلك مساع أمريكية لوقف الحرب على غزة، وتنفيذ مقترح ترمب لإنهاء الحرب على غزة، هو الانتظار للقادم بحذر يشوبه التفاؤل والأمل.