الطبقة الوسطى في ظل المتغيرات

كما نعلم فإن الطبقة الوسطى تميل في مجتمعنا تاريخيا نحو الاتجاهات المحافظة سياسيا وفكريا ومجتمعيا، ورغم كافة التحولات، فقد حققت مكاسب ونعمت بكثير من الفرص، سواء أكانت هذه التحولات سياسية أو غيرها.

فمن المفهوم أن الطبقة الوسطى تبحث دوما عن الاستقرار وتسعى إليه بشتى الطرق والوسائل، وتنفر من التغير خاصة إذا كان هذا التغير غير منضبط أو محسوب العواقب والنتائج، مما يعني أن الجديد بالشكل أو بالمضمون لا يكون موضع ترحيب لدى أبناء هذه الطبقة إلا من بعض القلة منها، وإن حدث تجديد يكون للضرورة القصوى وبحذر شديد وبطء متدرج، لأن التجديد السريع أو الجذري يثير كثيرا من التساؤلات ويثير القلق والخوف، وهناك من يعتبره مغامرة قد تقود إلى خسارة كثير من الأشياء، حتى الخوف من تغير القيم والمبادئ والعادات والتقاليد المحافظ عليها تاريخيا، حتى تصل أحيانا إلى التشدد في بعض المواقف والتزمت في عدد من الأفكار.

حيث تتقبل الطبقة الوسطى المتغيرات الجديدة على مضض، خاصة عندما تتبناه الجهات الرسمية أو تدعو إليه الجهات المعنية، ويأخذ به أبناء هذه الطبقة.

وحيث إن كل جديد بما يحمله من متغيرات سلبية أو إيجابية يستغرق وقتا طويلا لتقبله، فمن الملاحظ أن معظم من يتقبل دعوات التجديد غالبيتهم الكبرى من الطبقة العليا، والتي تتقبل المتغيرات الحديثة الأقرب إلى الغرب، حيث غالبيتهم من خريجي تلك الجامعات، وعاشوا في تلك المجتمعات بالعادات والتقاليد والثقافة.

وكثير من أبناء الطبقة الوسطى الذين سنحت لهم الفرص لينتقلوا إلى الطبقة العليا لسبب أو لآخر، قد تغيرت أفكارهم وعاداتهم ليجاروا الطبقة العليا على أنهم جزء منها بثقافتها وسلوكها.

علما بأن الطبقة الوسطى شديدة الاتساع والتنوع، وقد عرفت بأجنحتها المتشددة في كثير من الأحيان، حيث لا تحظى كثير من المتغيرات الحديثة بقبول مقنع لدى أبناء هذه الطبقة، بل في كثير من الأحيان تحمل العداء الحقيقي لتلك المتغيرات، خاصة أنهم في كثير من المواقع العملية والمجتمعية المؤثرة والفاعلة.

فعلى الجهات المعنية والمنظمات غير الحكومية أخذ ذلك بعين الاعتبار، وأن كل متغير جديد لا يمكن فرضه بالقوة على هذه الطبقة، بل يحتاج التغير إلى وقت وأسلوب وفرص وإقناع.

فالمشاركة السياسية لهذه الطبقة مهمة جدا، وتراجع جودة الخدمات المقدمة لها كالصحة والتعليم قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية. والطبقة الوسطى هي الأكثر استهلاكا للسلع وغيرها، فالمقاطعة للسلع الأجنبية التي تخدم العدو كانت من نصيب الطبقة الوسطى، التي أثرت بشكل ملموس على تلك الشركات والمصانع والمطاعم، وغيرها.