أقل من شهر تقريبًا يفصلنا عن انعقاد الدورة الثانية لمجلس النواب، الذي يتحرك أعضاؤه عبر ممرات مختلفة بهدف الوصول إلى اتفاق على من سيتولى سدة الرئاسة للمجلس في عامه القادم.
ما يقارب الـ75 نائبًا يعقدون جلسات ويجرون مشاورات واتصالات للاتفاق على شخصية رئيس جديد لمجلسهم الذي دخل سنته الثانية.
أي إن ما يقارب 75% من نواب المجلس قد عقدوا العزم على أن التغيير أصبح ضرورة حسب رأيهم، أو ما يصدر عن بعضهم من تصريحات وتسريبات، ويعزو بعضهم ضرورة التغيير إلى أن المرحلة والظروف والتحديات التي تعيشها منطقتنا وبلدنا، الذي ليس بمنأى عنها، تحتاج إلى توافقات لا إلى انقسامات.
كما أن جدول أعمال الدورة القادمة سيكون مزدحمًا بمشاريع قوانين لا تحتمل التأجيل أو التأخير، كمشروع قانون الموازنة العامة وخدمة العلم والإدارة المحلية والضمان الاجتماعي وغيرها الكثير، لذلك لا بد من حسم موضوع الرئاسة مبكرًا، مع أننا في الوقت نفسه لا نشكك بقدرة أحد من النواب على قيادة المجلس للسنة القادمة، التي نعتقد بأنها ستكون حاسمة في بعض الملفات.
أما فيما يتعلق بنسبة الـ75% التي أشرنا إليها سابقًا، فمردها إلى أن أعضاء جبهة العمل الإسلامي الـ32 يجلسون على مقاعد المتفرجين ويشاهدون مجريات الأحداث من جهاتها الأربع، ومسافاتها المختلفة، دون إبداء أي موقف أو انحياز لغاية الآن، وكأنهم ينتظرون ساعة أو لحظة قد يستفيدون منها سياسيًا.
ومع أن الدخان الأبيض لم يصعد من مجلس الحكماء حول التوافق أو اختيار الرئيس القادم من بين الثلاثة أو الأربعة الذين أعلنوا ترشحهم، أو الذين قررت كتلهم وأحزابهم ترشيحهم، فإن الأمر قد لا يخلو من مفاجآت وخربطة للأوراق بصعود أسماء جديدة غير متوقعة، لا لأنها ليست كفؤة، بل لأنها تعمل ضمن مسارات وطرق أخرى لم يتم الكشف عنها، ولا ترغب بالإعلان عن نفسها قبل أن تكتمل صورة المشهد الذي يؤمّن لها العبور والوصول إلى سدة الرئاسة بالتوافق والاتفاق، في ظل حالة عدم الرضا الشعبي عن بعض الأسماء التي أعلنت ترشح نفسها.
وهناك شخصية برلمانية من غير الأسماء المعلنة لغاية الآن، تعمل ضمن استراتيجية سياسية وعملية تشاورية لا تخلو من جسّ النبض أحيانًا، بهدف الاستطلاع أولًا، ومعرفة مقدار الرضا داخل الأوساط النيابية وغيرها قبل أن تقدم نفسها.
وفي الوقت نفسه، لا ننسى دور نواب جبهة العمل الإسلامي في ترجيح الكفة، إذ قد يسعون إلى كسر حالة الجمود وتقديم نوع من بوادر حسن النية لكسر حالة الجمود والعزلة السياسية التي عاشوها خلال الفترة السابقة، ونعتقد بأنهم سيكونون بيضة القبان، مع اعتقادنا بأن ذلك لن يكون مجانًا.
ومع اقتراب يوم الحسم، فإن المؤشرات تشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد انسحابات وعدولًا عن الترشح ممن أعلنوا مسبقًا.
كما ستشهد الساحة النيابية توافقات على شخصية نيابية قد تكون من خارج دائرة الأسماء التي أعلنت ترشحها.