لا حاجة لتعريف المعرّف. صار جليا زواج المصلحة القائم على متعة المال الأسود. ذلك الاقتران الآثم بين عصابات الإجرام والتنظيمات والنظم العصابية، تلك الوحدة الاندماجية ذات التشظي الشيطاني بين عالم الإرهاب والمخدرات السُّفليّ، حمانا الله من شروره، ونصرنا على أشراره أينما كانوا، وكائنا من كانوا. لن تفي الكلمات قدرهم في الأرض ومكانتهم في السماء، ولا حتى تقديم الغالي والنفيس تقديرا وعرفانا وامتنانا بنشامى قواتنا المسلحة وعيوننا الساهرة التي لا تمسها النار. «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» كما جاء في الحديث الشريف. لا يجوز أن يألف الناس أخبار النجاح الدائم لحرس الحدود حُماة الدار والديرة ويعتادوا سماعها وكأنها من الأمور العادية أو الأحداث الاعتيادية. بالأمس -أسبوع ونيّف- كانت عملية ضبط كبرى لبالونات محملة بالسموم المسماة المخدرات، حاول مطلقوها اختراق سماءنا. أيا كان التسلل جوا أو برا، عبر بالونات أو «درونات» أو وكبات، ومن أي جهة حاولت الاختراق شمالا، شرقا أو غربا، ثمة كوكبة من الأردنيين البواسل عينهم لا تعرف قبلة سوى «الله الوطن الملك» وأصابعهم دائما على الزناد، وزندهم يضم اللواء المرفوع دائما على امتداد الأردن المفدى، فوق الهامات، بسارية أو بدونها. لا زلت أذكر أيام الصبا عند سماع مصطلح «بالون اختبار»، عبر إعلامنا الوطني الواحد الأوحد حينها في سبعينيات القرن الماضي. عرفت من المذيع وقد كانوا نجوما بلا رعاية ملابس من القطاع الخاص، أو بدل «بدلات» من القطاع العام، عرفت أنه تلك البالونات عادة ما تكون إشاعة يتم إطلاقها لقياس الرأي والأهم المزاج العام، عند تفكير جهة ما باتخاذ قرار تنظر إما في توقيته المناسب، أو شكله الملائم، أو ربما في طرحه من أساسه. هو جسّ لنبض الشارع بأدوات ناعمة، عندما كان ذلك النبض واحدا موحدا، صادقا منزّها، عن أدوات التلاعب والنفوذ ما وراء الحدود. لم نكن لنتخيل في تلك الأيام أن تتطور البالونات من حملها الشائعات إلى المخدرات، ولكل سميّة عالية في الفتك في عضد الإرادة والمعنوية. طبعا خسئوا، فالهمة دائما بعون الله، «عاااالية».. في الأيام القليلة الماضية، راجت إشاعة من الواضح أنها مزروعة عمدا عبر وسيلة إعلامية ذائعة الصيت، واسعة الانتشار عن «حدث» هو «الأكثر صعوبة» منذ كارثة السابع من أكتوبر 2023. اتضح بعد الطبخ والنفخ واللوك والعلك الإعلامي الدعائي الإعلاني، اتضح أن الأمر لا يعدو عن كونه «بالون» اختبار، تمهيدا لما هو أدهى وأمرّ. ويا لبئس مصير «ناشط» على بعد سبعة آلاف ميل بحري، سارع إلى الاحتفاء بالخبر الكاذب على منصته أو منصاته «الشخصية» لا التي تمثل قناته. سرعان ما أدرك -ربما بعد تنبيه زميل أو صديق- أدرك أن احتفاءه «بالأسر أو الخطف» حتى وإن كان لعسكريين خلال عمليات قتالية، إنما يعرّض نفسه وقناته إلى خطر المساءلة، وربما إنهاء التعاقد والترحيل أو «التسفير»! في واشنطن دي سي وعلى صفحات «ناشطين» ولا أقول صحفيين أو سياسيين، ثمة من سارع إلى الكشف عن مشاعره إزاء رئيس أمريكي حالي ورئيس أسبق للولايات المتحدة، حيث طالت شائعة الموت ترمب وبوش. وكما في الشائعة السابقة اتضح كذب الشائعات الثلاثة. عندما تكون المصداقية على المحك، لا فرق بين انفجار بالون من كثرة النفخ، أم سقوطه هامدا بعد تنفيسه! «صحتين وهنا، وبالشفا»!! ليس شماتة لا قدّر الله بالبلهاء، بل ردعا للخبثاء. تلك حدودنا فلا تقربوها. و «إن ربّك لبالمرصاد»..