الفن حين يعود إلى رسالته .. وفضل شاكر شاهد

أحيانًا لا نحتاج إلى خطابات سياسية، ولا إلى شعارات عالية النبرة. يكفينا صوت صادق يذكّرنا أن الحياة تستحق أن تُعاش بالحب. وهذا بالضبط ما يعيده فضل شاكر اليوم بعد أكثر من 13 عامًا من الغياب.

صوته العائد ليس مجرد صوت؛ إنه إحساس مرهف يلتقط تفاصيل الحب الصغيرة في حياتنا اليومية، يدفئ قلوبنا ويذكّرنا بأن الأغنية يمكن أن تكون بيتًا يجمعنا بدل أن يفرقنا. حين يعود الفن إلى مكانه الطبيعي، كرسالة دفء وبهجة، يصبح أقرب إلى دعاء خفيف على الشفاه، يطفئ شيئًا من العتمة ويزرع في القلوب شعورًا بالطمأنينة.

عودة شاكر لم تكن سهلة، ولم تكن مجرد أغنية جديدة على المنصات. فقد واجه رفضًا كبيرًا من شريحة واسعة اعتبرته متهمًا، وماضيه كان يلاحقه في كل ظهور فني. حتى حين قدم أغنية لمقدمة مسلسل مصري، أثار صوته الجدل وأُزيلت الأغنية، في مثال صارخ على صعوبة إعادة اكتساب ثقة الجمهور بعد سنوات من الانقطاع والاتهامات.

لكن المسار تغيّر تدريجيًا وربما اعطى الجمهور لفضل فرصة لتجاوز الماضي واستعادة التقدير لما يقدمه الفن من دفء وإنسانية.

فضل ليس مجرد فنان وما مر به هو أعظم ما يقدم للتذكير بأن الإرهاب لا يعيش إلا في الفراغ، وأن الكراهية لا تزدهر إلا حيث يغيب الفرح وصوت ينادي بالحب والعشرة والأمان.

العودة إلى نقاء الفن هي أعظم مقاومة، وأجمل طريقة للقول: لن تنتصر الأصوات المظلمة طالما بقي الغناء قادرًا على توحيد القلوب.

قد نختلف على كثير من الأشياء، لكننا لا نختلف على أن صوتًا جميلاً يفتح نافذة للروح، وأن أغنية صادقة قد تمسح وجعًا صامتًا. وفضل شاكر اليوم، بعودته إلى جمهوره، يثبت أن الفن إذا صُنع من القلب، فإنه دومًا يجد طريقه إلى القلوب.

الفن رسالة حياة، وعندما يستعيد رسالته، تنطفئ نيران الكراهية، ويخفت صخب العنف، ويعود للبشر ما يحتاجونه أكثر من أي شيء آخر: أن يحبوا، أن يفرحوا، أن يعيشوا.

وفي النهاية، ربما لا يحتاج العالم أكثر من صوت صادق، حنون، يذكرنا بأن الحياة، بكل تعقيداتها ومآسيها، تستحق أن تُعاش بالحب، وأن الفن الحقيقي يظل دائمًا أقوى من أي جدل أو انتقاد، لأنه لغة الروح التي لا تموت.