الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. قريبًا عالميًا

أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي، هو ما يمكن وصفه بكافة الاعترافات التي بتنا نسمعها بدولة فلسطين، هو التأخّر الإيجابي، وهو التأخر الذي جاء بعد جهود جبّارة بذلت من الأردن، والدول العربية، وبالطبع الأشقاء الفلسطينيين، بالوقت المناسب، فأن يأتي حجم هذه الاعترافات للصالح الفلسطيني، مع اقتراب الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الحالي، حقيقة نقطة تحوّل دولية لجهة دعم القضية الفلسطينية وانتصار للحقوق الفلسطينية، والاصطفاف لنيل حقوقهم المشروعة.

التحوّل في المواقف الدولية، علامة فارقة في أحداث المرحلة، سيما وأنها تأتي في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني إلى تهديد وجودي من إسرائيل، هذه القوة القائمة بالاحتلال، بإصرار عدم الاعتراف بذلك، وعدم قناعتها بأنها قوة قائمة بالاحتلال، وفي كل هذه الاعترافات تعني الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حل الدولتين، وهو ما سيضع حدّا لكافة الإجراءات والمخططات الإسرائيلية في تهديد الوجود والحق الفلسطيني.

نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والشؤون الأوروبية والتعاون الإنمائي البلجيكي مكسيم بريفو، الأحدث في الإعلان عن عزم بلاده الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، ليزداد العدد وتصبح الصورة أكثر ثقة بأن إسرائيل ومن يقف معها داعما ومؤيدا، سيصلون إلى طريق مغلق لن ينالوا شيئا مما يسعون له، ويبدو واضحا أن جهودا دولية تسير بسياق الجهود الأردنية والعربية للاعتراف بدولة فلسطين والتصدي لأي مساع تنكر حق الشعب الفلسطيني غير قابل للتصرف، في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

ورغم محاولات إسرائيل وداعميها عرقلة جهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي كان آخرها منع الوفد الفلسطيني من الحصول على تأشيرات لحضور الاجتماع الثمانين للأمم المتحدة، إلاّ أن الجهود مستمرة ولن تتوقف لإحقاق الحق الفلسطيني، والاعتراف بفلسطين دولة يحمل إشارات هامة أولها أن ربط الاعتراف بدولة فلسطين مرهون بموافقة إسرائيل لم يعد موجودا، وأن هناك استجابات واضحة وعملية للجهود الباحثة عن السلام، والاعتراف بات متطلبا لتحقيقه، وفي الاعتراف إحقاق للسيادة الفلسطينية على أراضيها وأن لا سيادة إسرائيلية كما توهم نفسها وأنها قوة احتلال، وبالطبع لذلك إشارات اقتصادية هامة وسياسية وتوجيه بوصلة القادم للسلام العادل والشامل.

الأردن، دوما يجدد موقفه الثابت في العمل مع الأشقّاء والشركاء الدوليين، لدعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية والعدالة وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة على ترابه الوطني، ويرحب دوما بكافة قرارات الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، معتبرا ذلك خطوة هامة تنسجم والجهود الدولية الهادفة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ويثمن مثل هذه القرارات ويرى بها خطوات هامة للتصدي لمساعي إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على ترابه الوطني.

ويبقى الأردن بالصف العربي والدولي الذي يدفع باتجاه المزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في مساع أردنية تكمل سابقاتها لحشد الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطين، ولضرورة تنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام، كما أعلن الأردن أهمية مؤتمر حل الدولتين الذي سينعقد برعاية سعودية فرنسية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الحالي لحشد دعم دولي لمزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، معتبرا ذلك الخطوة الحاسمة لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

قدموا متأخرين، وبعد جهود ضخمة، لكن ما يحدث كان صعبا، ليصبح اليوم واقعا، وسيجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية بداية لنهاية قوة الاحتلال، ويقرّب من أن تكون الدولة الفلسطينية كغيرها من الدول تحظى باعتراف دولي، بخطى عملية.