الكهرباء بين موجة الحر والمسؤولية الغائبة ؟

د.ضيف الله الحديثات 
موجة الحر الاخيرة التي تأثرت بها المملكة، فضحت ضعف اداء شركة الكهرباء الاردنية، اذ شهدت مناطق عدة انقطاعا للتيار في وقت يعد الاشد حاجة الى الكهرباء، والمفارقة المؤلمة ان مثل هذه الازمات ليست جديدة، ومع ذلك لم تبادر الشركة الى اتخاذ الاحتياطات المسبقة التي يفترض ان تكون بديهية في بلد يحترم نفسه ومواطنيه.

في دول عدة، عندما ينقطع التيار، يقدم الاعتذار للمواطنين فورا، وتوضح اسباب الانقطاع والخطط المعتمدة لمنع تكراره، اما انقطاع التيار، ثم عودته بشكل عشوائي، فلا يمكن اعتباره مجرد خلل فني عابر، بل هو صورة من صور التقصير الاداري والفني الذي يمس حياة المواطن.

فالكهرباء ليست خدمة ترفيهية، بل عصب الحياة في المستشفيات والمنازل والمصانع وغيرها، ومن غير المقبول ان تبقى ادارة الشركة تتعامل مع الامر وكأنه شأن داخلي بلا محاسبة، وكأن المواطن مجبر على الصمت وتحمل النتائج وهي تغطي مساحة واسعة العاصمة والزرقاء والسلط ومادبا .

الحكومة مطالبة بموقف واضح وصريح: ما هي العقوبات التي ستتخذ بحق المسؤولين عن هذا التقصير؟ وهل ستقدم الشركة اعتذارا عما حصل؟ ام ستتحرك الجهات الرقابية والنيابية لمحاسبة الشركة، كما فعلت حكومة الدكتور عبد الله النسور عندما احالت ملف انقطاع الكهرباء في العاصفة الثلجية الى القضاء؟ نعم، الاجدر ان تحول ادارة الشركة فورا الى القضاء الاردني العادل، لتتحمل المسؤولية عن اي انقطاع، خصوصا اننا مقبلون على فصل الشتاء، فالمحاسبة ليست خيارا، بل واجب وطني واخلاقي، واذا تركت شركة الكهرباء دون مساءلة حقيقية، فان الرسالة التي ستصل الى المواطن هي ان الدولة تغض الطرف عن التقصير، والاردن دولة قوية، ولا يقبل مواطنوها ان يعيشوا في الظلام نتيجة سوء ادارة او تهاون في التخطيط.

المطلوب قرارات عملية تضع حدا للتقصير، وتفرض على شركة الكهرباء الاردنية خططا طارئة وصارمة لمواجهة الاحمال الاستثنائية، سواء في الحر او في البرد، حتى لا يبقى المواطن الاردني اسير انقطاع التيار بين الصيف الحار والشتاء البارد.