التعليم الموازي في الجامعات الأردنية

لم يعد التعليم الموازي في الجامعات الأردنية مجرد «فرصة ثانية» للطلبة الذين لم يتمكنوا من القبول عبر المنافسة، بل تحول في نظر كثيرين إلى بوابة خلفية يدخل منها من يملك المال، حتى لو لم يمتلك المعدل أو الكفاءة المطلوبة، خصوصاً في التخصصات الأكثر طلباً مثل الطب والهندسة.
فجوة الرسوم  فجوة العدالة
كيف يمكن الحديث عن عدالة أكاديمية بينما رسوم التعليم الموازي في بعض التخصصات تصل إلى أضعاف رسوم القبول الموحد؟ هذه الفجوة المالية الهائلة تجعل مقاعد الجامعة، وبالأخص في التخصصات المرموقة، سلعة تُشترى، وليست ثمرة جهد وتفوق دراسي. النتيجة واضحة: أصحاب المعدلات المتدنية ولكن الجيوب الممتلئة يحصلون على مقاعد، بينما يُحرم منها أصحاب المعدلات الأعلى لأنهم لا يملكون القدرة على الدفع.
تأثير على نوعية التعليم
حين يجلس في القاعة الواحدة طالب حصل على معدل 98% بجوار آخر بالكاد تجاوز الـ 80%، فقط لأنه دفع الرسوم الموازية، فإن التحدي أمام الأستاذ الجامعي يتضاعف، والمستوى العام للمخرجات الأكاديمية مهدد بالهبوط. هذا ليس مجرد تخمين، بل واقع يتكرر كل عام، ويزداد أثره في التخصصات الحساسة التي لا تحتمل التساهل في المستوى العلمي.
تكريس الفوارق الطبقية
أصبح نظام الموازي يعزز الفوارق الاجتماعية. وكأننا نقول لأبناء الطبقات الأقل دخلاً: «مكانكم ليس هنا»، حتى لو كنتم أكثر جدارة علمية. هذه رسالة خطيرة تمس جوهر العدالة الاجتماعية وتؤثر على نسيج المجتمع.
وعليه فالتعليم الموازي بصورته الحالية هو نظام يحتاج إلى إعادة نظر جذرية. لا يمكن أن تظل الجامعات تموّل نفسها على حساب العدالة الأكاديمية ومستقبل الطلبة. نعم، الجامعات تحتاج للموارد، لكن ليس على حساب تحويل مقاعد الطب والهندسة إلى امتياز مادي. التعليم ليس سلعة، ومن يراه كذلك يفرّغ رسالته من مضمونها.