أخبرني صديق أنه قرأ على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانا عن تخفيضات مجزية تمنحها منتجعات ومزارع خاصة للطلبة الذين سيخفقون بالنجاح في الثانوية العامة؛ لتوفر لهم ملاذا آمناً بعيداً عن غضب وسطوة الأهل.
نحن في زمن الانتهازية. فهذا الذي يريد التكسب من مآسي الآخرين بطريقة طريفة لا يقل وجعا عن نكتة أحد الآباء حين أخذ يطلق النار بكثافة بعد النتائج مثيرا لغضب جيرانه الذين صرخوا فيه قائلين، يا رجل ابنك يا دوب حصل على الخمسين وتطخ له؟ فيقول أنا لا أطخ له، بل أطخ عليه، بس مش عارف أصيبه.
إن كنا سنجد بعضاً من عذر لأولئك الانتهازيين في سعيهم لجني الأرباح في كل أحوال الناس، فكيف سنجد أدنى عذر لآباء غاضبين وأمهات غاضبات من نتيجة امتحان يعرفون تماما أنها ليست نهاية العالم. فلماذا تلك القسوة التي نراها لدى البعض تجاه أبنائهم إن لم يحققوا ما يريدنه منهم تماما. أبناؤنا ليسوا لنا، هم أبناء الحياة التي تحتمل أن يخفق فيها المرء مرات ومرات قبل أن يحقق ما يريده.
وللأسف الشديد فنحن نرى ونسمع عن آباء وأمهات يقسون بشدة وبدون رحمة على أبنائهم، لا عندما يفشلون في مهمة ما فحسب، بل حين يسقطون في فخ مقارنتهم بأبناء الآخرين. المقارنة مقتل كبير لفرادة الأبناء وتميزهم، هي تبعدهم عن أن يكون هم.
فالولد ومنذ النشأة الأولى يشعر أنه شخص آخر تماما، حين يطلب منه أن يكون مثل ابن الجيران أو الأقارب، أو حتى حين نقارنه بإخوته. وكأننا لا نعي أن كل واحد منا هو فريد من نوعه، يختلف عن الآخرين ولا يجوز في حال أن نقارن أحدا بآخر. الناس يعرفون هذه الفكرة لكن بعضهم لا يريدون لطفلهم أن يكون نفسه، بل أن يكون غيره.
الثانوية ليست نهاية المطاف أبدا. هي بداية قد تكون صعبة على البعض، ولكنها ليست مأساة حين نمعن النظر فيها. فكم سمعنا وقرأنا عن الذين لم يستسلموا لنتيجة ما، ودأبوا أن يتغلبوا على أنفسهم حتى نجحوا بعد عديد من الإخفاقات.
حين نقارن أبناءنا بغيرهم نقتل تميزهم ونشعل في أرواحهم لواعج الحسد والغيرة والسخط.