هل الأردن فقير مائيًا؟

الأردن يعاني من فقر في المياه، حقيقة واضحة لا تحتاج تشخيصا أو أي مبررات، ومن لا يدرك هذه المشكلة عليه مراجعة معلوماته جيدا، فنحن لا نتحدث عن تحديات مائية، أو مشاكل، أو عقبات، نحن نتحدث عن فقر مائي، في مواجهته نحتاج مسؤولية وطنية يتحمّلها الجميع رسميا وشعبيا، دون ذلك نحن حقيقة نعيش أزمة كبيرة يجب إدراك خطورتها من الجميع.
أمس الأول، وفي أولى ورش العمل القطاعية التي تعقد في الديوان الملكي ضمن سلسلة ورش حول رؤية التحديث الاقتصادي، وقد خصصت لقطاع المياه وحقيقة قرار ذكي أن يكون أولى القطاعات التي توضع على طاولة الورش هو قطاع المياه، تم خلال الجلسة التي استمرت أكثر من خمس ساعات، طرح تفصيلي لواقع المياه في المملكة، ولم يخف المتحدثون أن قطاع المياه يواجه أزمة حقيقية وسلبيات عديدة تبدأ بالتغيير المناخي وتنتهي بعدم حصول الأردن على حصصه المائية ضمن اتفاقيات وتفاهمات سابقة مع دول عربية أبرزها سوريا، طارحين الواقع بكل شفافية ووضوح، بمكاشفة تحتاج رؤية الواقع بدقّة والتعامل معه بمسؤولية.
الحكومة لم تدخر جهدا للتعامل مع الواقع المائي، فلم يشعر المواطن يوما أن الأردن فقير مائيا، ولم يعان من أي إشكاليات مائية، أو نقص مائي، وإن كان البعض يعاني من شح وصول الماء لمنطقة سكنه، لكن لم يحدث أن انقطع بشكل كامل، حتى أن متحدثين بورشة العمل أمس الأول قالوا «كان الله في عون من يدير تزويد المواطنين بالماء» نظرا لقلة المياه، ومعاناة توفيرها، ورغم ذلك فإن الحكومة تعمل بجهد كبير لتوفير الماء لكل المواطنين دون أي انقطاعات، متكررة، لنجد أنفسنا دوما أمام حالة نموذجية ونادرة من توفير المياه للمواطنين.
وللأسف، فإن من بين سلبيات الواقع المائي موضوع الفاقد، إذ يشكّل نسبة كبيرة من استهلاك المواطنين للمياه، وهذه إشكالية كبيرة، تدفع باتجاه مزيد من الفقر المائي، حتى أنها تأخذ واقعنا المائي لمكان أكثر سوءا وسلبية، وحتما هذا الأمر يحتاج مسؤولية في التعامل مع الماء ليس فقط من المواطنين إنما كذلك من المقيمين في المملكة، ومراعاة الاقتصاد بالماء قدر الممكن، فأي زيادة بنسب الفاقد نحن نتحدث عن مزيد من تعميق أزمة المياه، وبالمقابل صعوبة التعامل معها.
حقيقة ورشة العمل القطاعية التي خصصت للمياه بين ورشات عمل بحث رؤية التحديث الاقتصادي، حملت الكثير من الإيجابيات، ووضعت رؤى عملية لتجاوز الكثير من إشكاليات نقص بل فقر المياه، بتشاركية عميقة بين الزراعة والطاقة والبيئة والمياه، وحتما مع المواطنين وصولا لحالة نموذجية من توفير المياه والاقتصاد المائي، وقُدّمت الكثير من البرامج الهامة لتحقيق ذلك، بصيغة عملية وممكنة.
في متابعة جزء من مناقشات عدد من الخبراء والمختصين أمس الأول حول المياه، وكذلك ضمن مقابلات خاصة أجرتها «الدستور»، بدا واضحا بداية الأهمية الكبرى لعقد ورشات العمل هذه، لا سيما أنها تأخذ طابعا شفافا وحالة من العصف الذهني، ليكون مجرد البدء بهذه الورشة ضمن سلسلة ورش العمل نجاح مسبق في الشأن المائي، علاوة على حجم الملفات التي تم بحثها خلال هذه الورشة لأكثر من خمس ساعات، لتشكّل نقطة بدء جديدة لنجاح مائي مؤكد تُلمس نتائجه قريبا، وتضاف لجهد ضخم تقوم به وزارة المياه الذراع التنفيذي الحكومي للتعامل مع ملف المياه.