يومُ العَلَم الأردني... رايةُ الوطن والكرامة والحرية*

الدكتور محمد الهواوشة يكتب:
*

في السادس عشر من نيسان، يتوشّح الأردنيون بعلمهم الغالي، ذلك الرمز الذي لا يُمثل فقط قطعة قماش ملوّنة، بل يحمل في طيّاته قصة وطن بناه الأحرار، وصانه الأوفياء، وما زال شعبه يكتب فصول العز والكرامة على كل أرض وسماء.

العلم الأردني هو ملخص هويتنا، وبوصلة انتمائنا، ومرآة نضالنا. فالأسود يستحضر أمجاد الدولة العباسية، والأبيض يضيء تاريخ الدولة الأموية، والأخضر يبعث من روح الدولة الفاطمية الأمل والازدهار، بينما يُجسد الأحمر راية الثورة والتضحيات الكبرى التي سُفكت لأجل الحرية والكرامة، بما فيها من دماء الشهداء الأردنيين الذين دافعوا عن الأرض والإنسان والقيم النبيلة.

وفي قلب العلم، تتلألأ النجمة البيضاء ذات السبعة رؤوس، لا كزينة هندسية، بل كرمز راسخ لمعنى روحي عميق، إذ تشير إلى السبع المثاني – سورة الفاتحة، التي تُعدّ أمّ الكتاب ومفتاح الهداية في الإسلام. سبع آيات تختصر جوهر الإيمان، كما تختصر النجمة في وسط العلم جوهر القيم التي يقوم عليها الوطن: الرحمة، العدل، الهداية، الإخلاص، الثبات، الأمل، والسلام.

ورغم ما يمرّ به الوطن أحيانا من تحديات، وما نشهده من اختلاف في وجهات النظر أو تنوع في المواقف، يبقى العلم الأردني هو القاسم المشترك، والعهد الجامع لكل الأردنيين. ففي لحظات الأزمات، كما في أوقات الفرح، نلتفّ حول رايتنا، نستمدّ منها العزم، ونجدّد فيها إيماننا بأن الأردن أكبر من أي خلاف، وأبقى من كل المتغيرات. فالعلم لا يُمزّق، لأنه ليس مجرّد قماش، بل هو رمزٌ لروحٍ واحدة تسكن في قلوب الجميع: روح الانتماء لهذا الوطن العزيز.

إن يوم العلم ليس مجرد مناسبة وطنية نحتفل بها، بل هو لحظة وعي جماعي نسترجع فيها نضال أجدادنا، ونتأمل حاضرنا، ونستعد لصناعة مستقبلنا بأيدينا. فالعلم الأردني هو عهدٌ نرفعه كل يوم: أن لا بديل عن الوطن، ولا انتماء يعلو على انتمائنا للأردن.

في هذا اليوم، نرفع العلم في الساحات والقلوب، ونقول للعالم: نحن أبناء هذا الوطن العظيم… ولاؤنا للأرض التي حملتنا، وهويتنا لا تُختصر بإسم، بل تُكتب بكل من آمن بالأردن، وقدم له جهده وعرقه ودمه.

كل عام ورايتنا خفّاقة فوق رؤوس الأحرار… كل عام والأردن أقوى بعزيمة شعبه، ووحدته، ووعيه… كل عام ونحن أكثر إخلاصًا للتراب الذي جمعنا، والرمز الذي يوحدنا.