شعور بـ "الحزن والندم"، وحلم انقلب إلى كابوس بالنسبة لـ "فواز" الذي وصل الحدود الأميركية برفقة ابنه (16 عاما) وشقيقه في مايو من 2024.
سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة، والشروع في قضية لجوء.
لكن شقيقه لا يزال داخل أحد مراكز احتجاز اللاجئين في ولاية تكساس.
"لم تكن تستحق العناء"، يقول "فواز" (اسم مستعار)، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، واصفا الرحلة التي قطعها جوا وبحرا وبرا والأموال التي دفعها للمهربين.
"فواز" (47 عاما) ليس الوحيد الذي خاض هذه الرحلة ودفع آلاف الدولارات، ليصل إلى الولايات المتحدة.
وهو ليس وحده من اصطدم بواقع يختلف عن الصورة الوردية التي رسمها له المهربون عن "سهولة" الرحلة والميزات التي تنتظر المهاجر في أميركا.
المحامي الأميركي، محمد الشرنوبي، التقى خلال 2024 بالعديد من الشباب الأردنيين الذين قدموا لأميركا، مثل "فواز".
يبدو عليهم "الندم والحزن"، يقول الشرنوبي، المتخصص في قوانين الهجرة والإقامة. هم "مصدومون لرؤية واقع مغاير لما قيل لهم"، يضيف في مقابلة مع موقع "الحرة".
50 مليون دولار دفعت للمهربين
بحسب بيانات إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP)، والتي تتضمن الأشخاص غير الأميركيين الذين يعبرون الحدود أو الموانئ بشكل غير قانوني، خلال السنوات 2000 وحتى 2023 كانت أعداد الأردنيين العابرين للحدود الأميركية بالعشرات فقط.
ولكن منذ بداية 2024 وحتى منتصف يناير 2025، بلغ عدد الداخلين إلى الحدود الأميركية 4810 أشخاص، أغلبيتهم في عام 2024 بعدد تجاوز 4440 شخصا.
وعلى افتراض دفع هؤلاء لمتوسط تكلفة تبلغ 10 آلاف دولار لكل شخص للمهربين، يبلغ إجمالي المبلغ المدفوع لشبكات التهريب أكثر من 48 مليون دولار.
تقديرات "مطابقة للواقع"، بحسب المحلل الاقتصادي الأردني، مازن إرشيد.
تكاليف الرحلة لكل شخص تتراوح بين 10 آلاف إلى 15 ألف دولار، وهي تشمل "مصاريف السفر والإقامة والرسوم التي يتقاضها المهربون"، والتي تختلف بحسب مسار الرحلة، يوضح إرشيد لموقع "الحرة".
نتحدث عن مبالغ إجمالية قد تتراوح بين 50 إلى 70 مليون دولار، يقول إرشيد، دفعها الأردنيون في رحلات الهجرة غير الشرعية، والتي لو قاموا بضخها في الاقتصاد المحلي لأحدثت "تأثيرا إيجابيا".
كان بالإمكان استثمار هذه المبالغ في إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة، في مجالات التكنولوجيا أو الزراعة أو السياحة، والتي قد توفر لهم ولبقية الشباب فرص عمل، يضيف.
وثمة شائعات عن وجود بضعة آلاف من الأردنيين، إما عالقين في المكسيك أو في مراكز إيواء اللاجئين في الولايات المتحدة. وحاول موقع "الحرة" التواصل مع جهات رسمية أردنية للاستيضاح، دون رد حتى نشر هذا التحقيق.
ووفقا لبيانات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية "ICE" صدرت أوامر نهائية بإبعاد 1660 شخصا يحملون الجنسية الأردنية من الولايات المتحدة.
ومنذ بداية حملة الاعتقالات والترحيل التي أطلقتها السلطات الأميركية بعد تسلم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمنصبه في 20 يناير، اعتُقل 286 أردنيا في الولايات المتحدة، فيما أُبعد 219 أردنيا وفقا للوحة بيانات "ICE" حتى منتصف فبراير.
ويوجد 1270 أردنيا في مراكز احتجاز تابعة لإدارة الهجرة والجمارك، حيث يتم احتجازهم إلزاميا، قبل السماح بدخولهم لتقديم قضايا لجوء أو إعادة تسفيرهم خارج الولايات المتحدة.
مسارات التهريب.. وقرارات "غير سهلة"
على مدار أكثر من شهرين، رصد موقع "الحرة" منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تروج لرحلات الهجرة غير الشرعية.
وتابع معدا التحقيق حسابات شبكات التهريب، التي تضم مهربين على عدة مستويات محلية ودولية، وحددا مسارات وطرق التهريب المارّة بعدة دول.
بوصلة رحلات التهريب التي تبدأ من الأردن، قد تتجه شمالا باتجاه تركيا، أو غربا باتجاه بريطانيا، ومن ثم العودة جنوبا إلى الإكوادور أو نيكاراغوا أو بنما، ومن ثم التحول شمالا مرة أخرى نحو المكسيك.
ويقطع الباحثون عن الهجرة رحلات خطرة عبر عدة مسارات جوية وبحرية وبرية، وغالبا ما تنتهي عند نهر ريو غراندي أو السور الحديدي العملاق على الحدود الأميركية.
وهناك، قد يتخلى المهرب عنك في العراء، أو قد تقع في قبضة "قطاع طرق" في الطرق البرية بالمناطق الحدودية الوعرة.
وفي نهارات الصيف الحارقة، يعتبر الحر أخطر "الحيوانات المفترسة" التي تعترض المهاجرين في البراري البعيدة.
بريطانيا محطة
وقبل أن تبدأ بريطانيا منح المواطنين الأردنيين تأشيرة الدخول الإلكترونية، في فبراير من 2024، كان عدد محدود من الأردنيين يسلك طرق التهريب.
أخذتهم تلك الطرق إلى محطات تبدأ من مطار إسطنبول إلى بنما، ثم بالتتابع نحو نيكاراغوا، هندوراس، غواتيمالا، وبعدها المكسيك ومن ثم إلى "بلاد الأحلام".
لكن بعد إتاحة هذه التأشيرة، أصبحت الطرق أكثر سهولة إذ استغلتها شبكات التهريب حتى العاشر من سبتمبر من 2024، حين ألغت السلطات البريطانية العمل بالتأشيرة الإلكترونية معللة ذلك باستمرار "تجاوزات" و"سوء استخدام".
يقول "فواز" إن أولى محطات رحلته انطلاقا من الأردن، كانت بريطانيا، ومن هناك إلى نيكاراغوا، ثم هندوراس، وغواتيمالا، والمكسيك انتهاء بالولايات المتحدة.
ويكشف دفعه للمهربين 25 ألف دينار أردني (أي ما يزيد عن 35 ألف دولار)، ثمن تهريب ثلاثة أشخاص.
"اتخاذ القرار لم يكن سهلا" يؤكد "فواز".
الظروف الاقتصادية المتدهورة في بلده هي التي دفعته مثل معظم المهاجرين إلى التفكير بالهجرة، يضيف.
قضى "فواز" وابنه وشقيقه يوما في لندن التي وصلوها في مايو بالطائرة.
ثم انتقلوا في رحلة بالطائرة إلى نيكاراغوا.
وبعدها تنقلوا بالسيارات حتى وصلوا إلى هندوراس، ومن هناك إلى غواتيمالا.
ثم بلغوا المكسيك ووصلوا برحلة داخلية بالطائرة إلى تيخوانا المحاذية لكاليفورنيا.
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
شعور بـ "الحزن والندم"، وحلم انقلب إلى كابوس بالنسبة لـ "فواز" الذي وصل الحدود الأميركية برفقة ابنه (16 عاما) وشقيقه في مايو من 2024.
سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة، والشروع في قضية لجوء.
لكن شقيقه لا يزال داخل أحد مراكز احتجاز اللاجئين في ولاية تكساس.
"لم تكن تستحق العناء"، يقول "فواز" (اسم مستعار)، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، واصفا الرحلة التي قطعها جوا وبحرا وبرا والأموال التي دفعها للمهربين.
"فواز" (47 عاما) ليس الوحيد الذي خاض هذه الرحلة ودفع آلاف الدولارات، ليصل إلى الولايات المتحدة.
وهو ليس وحده من اصطدم بواقع يختلف عن الصورة الوردية التي رسمها له المهربون عن "سهولة" الرحلة والميزات التي تنتظر المهاجر في أميركا.
المحامي الأميركي، محمد الشرنوبي، التقى خلال 2024 بالعديد من الشباب الأردنيين الذين قدموا لأميركا، مثل "فواز".
يبدو عليهم "الندم والحزن"، يقول الشرنوبي، المتخصص في قوانين الهجرة والإقامة. هم "مصدومون لرؤية واقع مغاير لما قيل لهم"، يضيف في مقابلة مع موقع "الحرة".
50 مليون دولار دفعت للمهربين
بحسب بيانات إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP)، والتي تتضمن الأشخاص غير الأميركيين الذين يعبرون الحدود أو الموانئ بشكل غير قانوني، خلال السنوات 2000 وحتى 2023 كانت أعداد الأردنيين العابرين للحدود الأميركية بالعشرات فقط.
ولكن منذ بداية 2024 وحتى منتصف يناير 2025، بلغ عدد الداخلين إلى الحدود الأميركية 4810 أشخاص، أغلبيتهم في عام 2024 بعدد تجاوز 4440 شخصا.
وعلى افتراض دفع هؤلاء لمتوسط تكلفة تبلغ 10 آلاف دولار لكل شخص للمهربين، يبلغ إجمالي المبلغ المدفوع لشبكات التهريب أكثر من 48 مليون دولار.
كم دفع الأردنيون للمهربين منذ بداية 2024؟
تقديرات "مطابقة للواقع"، بحسب المحلل الاقتصادي الأردني، مازن إرشيد.
تكاليف الرحلة لكل شخص تتراوح بين 10 آلاف إلى 15 ألف دولار، وهي تشمل "مصاريف السفر والإقامة والرسوم التي يتقاضها المهربون"، والتي تختلف بحسب مسار الرحلة، يوضح إرشيد لموقع "الحرة".
نتحدث عن مبالغ إجمالية قد تتراوح بين 50 إلى 70 مليون دولار، يقول إرشيد، دفعها الأردنيون في رحلات الهجرة غير الشرعية، والتي لو قاموا بضخها في الاقتصاد المحلي لأحدثت "تأثيرا إيجابيا".
كان بالإمكان استثمار هذه المبالغ في إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة، في مجالات التكنولوجيا أو الزراعة أو السياحة، والتي قد توفر لهم ولبقية الشباب فرص عمل، يضيف.
الأردنيون الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية
وثمة شائعات عن وجود بضعة آلاف من الأردنيين، إما عالقين في المكسيك أو في مراكز إيواء اللاجئين في الولايات المتحدة. وحاول موقع "الحرة" التواصل مع جهات رسمية أردنية للاستيضاح، دون رد حتى نشر هذا التحقيق.
ووفقا لبيانات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية "ICE" صدرت أوامر نهائية بإبعاد 1660 شخصا يحملون الجنسية الأردنية من الولايات المتحدة.
ومنذ بداية حملة الاعتقالات والترحيل التي أطلقتها السلطات الأميركية بعد تسلم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمنصبه في 20 يناير، اعتُقل 286 أردنيا في الولايات المتحدة، فيما أُبعد 219 أردنيا وفقا للوحة بيانات "ICE" حتى منتصف فبراير.
ويوجد 1270 أردنيا في مراكز احتجاز تابعة لإدارة الهجرة والجمارك، حيث يتم احتجازهم إلزاميا، قبل السماح بدخولهم لتقديم قضايا لجوء أو إعادة تسفيرهم خارج الولايات المتحدة.
مسارات التهريب.. وقرارات "غير سهلة"
على مدار أكثر من شهرين، رصد موقع "الحرة" منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تروج لرحلات الهجرة غير الشرعية.
وتابع معدا التحقيق حسابات شبكات التهريب، التي تضم مهربين على عدة مستويات محلية ودولية، وحددا مسارات وطرق التهريب المارّة بعدة دول.
بوصلة رحلات التهريب التي تبدأ من الأردن، قد تتجه شمالا باتجاه تركيا، أو غربا باتجاه بريطانيا، ومن ثم العودة جنوبا إلى الإكوادور أو نيكاراغوا أو بنما، ومن ثم التحول شمالا مرة أخرى نحو المكسيك.
تتعدد مسارات التهريب من الأردن إلى الولايات المتحدة
ويقطع الباحثون عن الهجرة رحلات خطرة عبر عدة مسارات جوية وبحرية وبرية، وغالبا ما تنتهي عند نهر ريو غراندي أو السور الحديدي العملاق على الحدود الأميركية.
وهناك، قد يتخلى المهرب عنك في العراء، أو قد تقع في قبضة "قطاع طرق" في الطرق البرية بالمناطق الحدودية الوعرة.
وفي نهارات الصيف الحارقة، يعتبر الحر أخطر "الحيوانات المفترسة" التي تعترض المهاجرين في البراري البعيدة.
بريطانيا محطة
وقبل أن تبدأ بريطانيا منح المواطنين الأردنيين تأشيرة الدخول الإلكترونية، في فبراير من 2024، كان عدد محدود من الأردنيين يسلك طرق التهريب.
أخذتهم تلك الطرق إلى محطات تبدأ من مطار إسطنبول إلى بنما، ثم بالتتابع نحو نيكاراغوا، هندوراس، غواتيمالا، وبعدها المكسيك ومن ثم إلى "بلاد الأحلام".
لكن بعد إتاحة هذه التأشيرة، أصبحت الطرق أكثر سهولة إذ استغلتها شبكات التهريب حتى العاشر من سبتمبر من 2024، حين ألغت السلطات البريطانية العمل بالتأشيرة الإلكترونية معللة ذلك باستمرار "تجاوزات" و"سوء استخدام".
يقول "فواز" إن أولى محطات رحلته انطلاقا من الأردن، كانت بريطانيا، ومن هناك إلى نيكاراغوا، ثم هندوراس، وغواتيمالا، والمكسيك انتهاء بالولايات المتحدة.
ويكشف دفعه للمهربين 25 ألف دينار أردني (أي ما يزيد عن 35 ألف دولار)، ثمن تهريب ثلاثة أشخاص.
"اتخاذ القرار لم يكن سهلا" يؤكد "فواز".
الظروف الاقتصادية المتدهورة في بلده هي التي دفعته مثل معظم المهاجرين إلى التفكير بالهجرة، يضيف.
بعد انتهاء جائحة كوفيد فاقت الأعباء المالية قدرة الأردنيين على مجاراتها
"لا تهاجر!".. شباب الأردن بين مصيرين
يطمح العديد من الشباب مغادرة الأردن، والوصول إلى الولايات المتحدة أو ما يطلق عليها بعضهم "أرض الأحلام"، حتى وإن كانت عبر رحلة غير شرعية.
فواز (اسم مستعار) يتحدث لموقع الحرة عن رحلته (تم تعديل الصوت حماية لخصوصيته)
قضى "فواز" وابنه وشقيقه يوما في لندن التي وصلوها في مايو بالطائرة.
ثم انتقلوا في رحلة بالطائرة إلى نيكاراغوا.
وبعدها تنقلوا بالسيارات حتى وصلوا إلى هندوراس، ومن هناك إلى غواتيمالا.
ثم بلغوا المكسيك ووصلوا برحلة داخلية بالطائرة إلى تيخوانا المحاذية لكاليفورنيا.
ولكي يصلوا إلى الجدار الحديدي على الحدود الأميركية، كان عليهم المشي مسافة تصل إلى 10 أميال (نحو 16 كلم). وبالفعل وصلوا وسلموا أنفسهم لضباط حرس الحدود الأميركيين.
عند بلوغه الأراضي الأميركية، يقول فواز "شعرت بأنني كنت محظوظا".
رحلتهم لم تستغرق سوى أسبوعين، بينما يقضي مهاجرون آخرون شهرا أو شهرين في الطريق.
طرق ملتوية و"أسماء مستعارة"
رحلات الهجرة غير الشرعية لأميركا بشكل عام ينظمها مهربون متخصصون منذ عقود، ولكن "التأشيرة الإلكترونية لبريطانيا"، كانت كفيلة بفتح شهية الكثير من السماسرة والمهربين، قبل أن تلغى.
"البارون" و"أبو حلا" و"تيمو الغزاوي" و"سيمو" و"فردوس" و"شيماء" و"الحربي" و"هاني" و"حموش" و"السرحان" و"أبو علي المصري" و"علي زيدان" و"روهان" و"دانيال و"الدكتور" هذه أسماء مهربين وسماسرة.
جميعها أسماء مستعارة يروجون بها لمسارات تهريب عديدة
معدا التحقيق تواصلا مع العديد من المهربين والسماسرة للحصول على تفاصيل الطرق التي يسلكها الشبان الأردنيون. وتم ذلك من خلال اتصالات ورسائل عبر تطبيق "واتساب".
وطلبا معلومات عن مسار الرحلات وتفاصيلها وقدما نفسيهما كباحثين عن هجرة، أو راغبَين بإخراج أقرباء من الأردن لأميركا.
"يزن" أحد أولئك السماسرة أرسل خريطة العبور بطرق غير شرعية من نيكاراغوا مرورا بالمكسيك ومن ثم إلى حدود الأخيرة مع الولايات المتحدة.
وقال خلال اتصال هاتفي إن مدة الرحلة تُقدّر بين 15 و20 يوما، وتكلفتها سبعة آلاف دينار أردني (حوالي 10 آلاف دولار) للمهاجر الواحد.
يتم دفع أكثر من أربعة آلاف دولار في عمّان والباقي في المكسيك.
تقسيم دفعات الأموال، يشير إلى أن "المهربين" لا يعملون كأشخاص منفردين، بل ينشطون عبر شبكات تتوزع في الأردن وبريطانيا ونيكاراغوا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية أيضا.
"حموش" اسم لأحد المهربين الذين تواصل معهم أحد معدي التحقيق، وعرض تأمين الطريق كاملا من عمّان إلى الولايات المتحدة.
بعدها قال إنهم "يقدمون خدمات VIP واستلام وتسليم في جميع المطارات". لكن ذلك لم يعكسه واقع من خاضوا تلك التجربة أو من تحدثوا لموقع "الحرة" عن الأوضاع "الحالمة" التي يرسمها المهربون خلال استعراضهم "لخدماتهم".
وحدد "حموش" تكلفة الرحلة بـ 8 آلاف دينار أردني (حوالي 11 ألف دولار) لـ "كامل الطريق".
"حموش"، الذي يدير مجموعات عبر واتساب، شرح برسائل صوتية للأعضاء في المجموعات أن المبالغ التي يطلبها، غالبيتها تذهب لصالح تغطية تكاليف حجوزات الطيران والإقامة وحتى وجبات الطعام.
أما سبب ارتفاع التكلفة أيضا هو البحث عن "طرق مُؤمّنة" من المهربين المحليين في المكسيك، على حد تعبيره.
كما حذّر أعضاء المجموعات من أن اتباع "طرق غير مؤمنة" قد يعني" أخطارا جمّة" للراغبين في الهجرة.
Share on WhatsApp
شعور بـ "الحزن والندم"، وحلم انقلب إلى كابوس بالنسبة لـ "فواز" الذي وصل الحدود الأميركية برفقة ابنه (16 عاما) وشقيقه في مايو من 2024.
سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة، والشروع في قضية لجوء.
لكن شقيقه لا يزال داخل أحد مراكز احتجاز اللاجئين في ولاية تكساس.
"لم تكن تستحق العناء"، يقول "فواز" (اسم مستعار)، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، واصفا الرحلة التي قطعها جوا وبحرا وبرا والأموال التي دفعها للمهربين.
"فواز" (47 عاما) ليس الوحيد الذي خاض هذه الرحلة ودفع آلاف الدولارات، ليصل إلى الولايات المتحدة.
وهو ليس وحده من اصطدم بواقع يختلف عن الصورة الوردية التي رسمها له المهربون عن "سهولة" الرحلة والميزات التي تنتظر المهاجر في أميركا.
المحامي الأميركي، محمد الشرنوبي، التقى خلال 2024 بالعديد من الشباب الأردنيين الذين قدموا لأميركا، مثل "فواز".
يبدو عليهم "الندم والحزن"، يقول الشرنوبي، المتخصص في قوانين الهجرة والإقامة. هم "مصدومون لرؤية واقع مغاير لما قيل لهم"، يضيف في مقابلة مع موقع "الحرة".
50 مليون دولار دفعت للمهربين
بحسب بيانات إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP)، والتي تتضمن الأشخاص غير الأميركيين الذين يعبرون الحدود أو الموانئ بشكل غير قانوني، خلال السنوات 2000 وحتى 2023 كانت أعداد الأردنيين العابرين للحدود الأميركية بالعشرات فقط.
ولكن منذ بداية 2024 وحتى منتصف يناير 2025، بلغ عدد الداخلين إلى الحدود الأميركية 4810 أشخاص، أغلبيتهم في عام 2024 بعدد تجاوز 4440 شخصا.
وعلى افتراض دفع هؤلاء لمتوسط تكلفة تبلغ 10 آلاف دولار لكل شخص للمهربين، يبلغ إجمالي المبلغ المدفوع لشبكات التهريب أكثر من 48 مليون دولار.
كم دفع الأردنيون للمهربين منذ بداية 2024؟
تقديرات "مطابقة للواقع"، بحسب المحلل الاقتصادي الأردني، مازن إرشيد.
تكاليف الرحلة لكل شخص تتراوح بين 10 آلاف إلى 15 ألف دولار، وهي تشمل "مصاريف السفر والإقامة والرسوم التي يتقاضها المهربون"، والتي تختلف بحسب مسار الرحلة، يوضح إرشيد لموقع "الحرة".
نتحدث عن مبالغ إجمالية قد تتراوح بين 50 إلى 70 مليون دولار، يقول إرشيد، دفعها الأردنيون في رحلات الهجرة غير الشرعية، والتي لو قاموا بضخها في الاقتصاد المحلي لأحدثت "تأثيرا إيجابيا".
كان بالإمكان استثمار هذه المبالغ في إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة، في مجالات التكنولوجيا أو الزراعة أو السياحة، والتي قد توفر لهم ولبقية الشباب فرص عمل، يضيف.
الأردنيون الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية
وثمة شائعات عن وجود بضعة آلاف من الأردنيين، إما عالقين في المكسيك أو في مراكز إيواء اللاجئين في الولايات المتحدة. وحاول موقع "الحرة" التواصل مع جهات رسمية أردنية للاستيضاح، دون رد حتى نشر هذا التحقيق.
ووفقا لبيانات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية "ICE" صدرت أوامر نهائية بإبعاد 1660 شخصا يحملون الجنسية الأردنية من الولايات المتحدة.
ومنذ بداية حملة الاعتقالات والترحيل التي أطلقتها السلطات الأميركية بعد تسلم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمنصبه في 20 يناير، اعتُقل 286 أردنيا في الولايات المتحدة، فيما أُبعد 219 أردنيا وفقا للوحة بيانات "ICE" حتى منتصف فبراير.
ويوجد 1270 أردنيا في مراكز احتجاز تابعة لإدارة الهجرة والجمارك، حيث يتم احتجازهم إلزاميا، قبل السماح بدخولهم لتقديم قضايا لجوء أو إعادة تسفيرهم خارج الولايات المتحدة.
مسارات التهريب.. وقرارات "غير سهلة"
على مدار أكثر من شهرين، رصد موقع "الحرة" منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تروج لرحلات الهجرة غير الشرعية.
وتابع معدا التحقيق حسابات شبكات التهريب، التي تضم مهربين على عدة مستويات محلية ودولية، وحددا مسارات وطرق التهريب المارّة بعدة دول.
بوصلة رحلات التهريب التي تبدأ من الأردن، قد تتجه شمالا باتجاه تركيا، أو غربا باتجاه بريطانيا، ومن ثم العودة جنوبا إلى الإكوادور أو نيكاراغوا أو بنما، ومن ثم التحول شمالا مرة أخرى نحو المكسيك.
تتعدد مسارات التهريب من الأردن إلى الولايات المتحدة
ويقطع الباحثون عن الهجرة رحلات خطرة عبر عدة مسارات جوية وبحرية وبرية، وغالبا ما تنتهي عند نهر ريو غراندي أو السور الحديدي العملاق على الحدود الأميركية.
وهناك، قد يتخلى المهرب عنك في العراء، أو قد تقع في قبضة "قطاع طرق" في الطرق البرية بالمناطق الحدودية الوعرة.
وفي نهارات الصيف الحارقة، يعتبر الحر أخطر "الحيوانات المفترسة" التي تعترض المهاجرين في البراري البعيدة.
بريطانيا محطة
وقبل أن تبدأ بريطانيا منح المواطنين الأردنيين تأشيرة الدخول الإلكترونية، في فبراير من 2024، كان عدد محدود من الأردنيين يسلك طرق التهريب.
أخذتهم تلك الطرق إلى محطات تبدأ من مطار إسطنبول إلى بنما، ثم بالتتابع نحو نيكاراغوا، هندوراس، غواتيمالا، وبعدها المكسيك ومن ثم إلى "بلاد الأحلام".
لكن بعد إتاحة هذه التأشيرة، أصبحت الطرق أكثر سهولة إذ استغلتها شبكات التهريب حتى العاشر من سبتمبر من 2024، حين ألغت السلطات البريطانية العمل بالتأشيرة الإلكترونية معللة ذلك باستمرار "تجاوزات" و"سوء استخدام".
يقول "فواز" إن أولى محطات رحلته انطلاقا من الأردن، كانت بريطانيا، ومن هناك إلى نيكاراغوا، ثم هندوراس، وغواتيمالا، والمكسيك انتهاء بالولايات المتحدة.
ويكشف دفعه للمهربين 25 ألف دينار أردني (أي ما يزيد عن 35 ألف دولار)، ثمن تهريب ثلاثة أشخاص.
"اتخاذ القرار لم يكن سهلا" يؤكد "فواز".
الظروف الاقتصادية المتدهورة في بلده هي التي دفعته مثل معظم المهاجرين إلى التفكير بالهجرة، يضيف.
بعد انتهاء جائحة كوفيد فاقت الأعباء المالية قدرة الأردنيين على مجاراتها
"لا تهاجر!".. شباب الأردن بين مصيرين
يطمح العديد من الشباب مغادرة الأردن، والوصول إلى الولايات المتحدة أو ما يطلق عليها بعضهم "أرض الأحلام"، حتى وإن كانت عبر رحلة غير شرعية.
فواز (اسم مستعار) يتحدث لموقع الحرة عن رحلته (تم تعديل الصوت حماية لخصوصيته)
قضى "فواز" وابنه وشقيقه يوما في لندن التي وصلوها في مايو بالطائرة.
ثم انتقلوا في رحلة بالطائرة إلى نيكاراغوا.
وبعدها تنقلوا بالسيارات حتى وصلوا إلى هندوراس، ومن هناك إلى غواتيمالا.
ثم بلغوا المكسيك ووصلوا برحلة داخلية بالطائرة إلى تيخوانا المحاذية لكاليفورنيا.
ولكي يصلوا إلى الجدار الحديدي على الحدود الأميركية، كان عليهم المشي مسافة تصل إلى 10 أميال (نحو 16 كلم). وبالفعل وصلوا وسلموا أنفسهم لضباط حرس الحدود الأميركيين.
عند بلوغه الأراضي الأميركية، يقول فواز "شعرت بأنني كنت محظوظا".
رحلتهم لم تستغرق سوى أسبوعين، بينما يقضي مهاجرون آخرون شهرا أو شهرين في الطريق.
طرق ملتوية و"أسماء مستعارة"
رحلات الهجرة غير الشرعية لأميركا بشكل عام ينظمها مهربون متخصصون منذ عقود، ولكن "التأشيرة الإلكترونية لبريطانيا"، كانت كفيلة بفتح شهية الكثير من السماسرة والمهربين، قبل أن تلغى.
"البارون" و"أبو حلا" و"تيمو الغزاوي" و"سيمو" و"فردوس" و"شيماء" و"الحربي" و"هاني" و"حموش" و"السرحان" و"أبو علي المصري" و"علي زيدان" و"روهان" و"دانيال و"الدكتور" هذه أسماء مهربين وسماسرة.
جميعها أسماء مستعارة يروجون بها لمسارات تهريب عديدة.
معدا التحقيق تواصلا مع العديد من المهربين والسماسرة للحصول على تفاصيل الطرق التي يسلكها الشبان الأردنيون. وتم ذلك من خلال اتصالات ورسائل عبر تطبيق "واتساب".
وطلبا معلومات عن مسار الرحلات وتفاصيلها وقدما نفسيهما كباحثين عن هجرة، أو راغبَين بإخراج أقرباء من الأردن لأميركا.
"يزن" أحد أولئك السماسرة أرسل خريطة العبور بطرق غير شرعية من نيكاراغوا مرورا بالمكسيك ومن ثم إلى حدود الأخيرة مع الولايات المتحدة.
البارون من أكثر الأسماء تداولا عبر مجموعات الواتساب
البارون من أكثر الأسماء تداولا عبر مجموعات الواتساب
وقال خلال اتصال هاتفي إن مدة الرحلة تُقدّر بين 15 و20 يوما، وتكلفتها سبعة آلاف دينار أردني (حوالي 10 آلاف دولار) للمهاجر الواحد.
يتم دفع أكثر من أربعة آلاف دولار في عمّان والباقي في المكسيك.
تقسيم دفعات الأموال، يشير إلى أن "المهربين" لا يعملون كأشخاص منفردين، بل ينشطون عبر شبكات تتوزع في الأردن وبريطانيا ونيكاراغوا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية أيضا.
مجموعات واتساب.. داخل أميركا وخارجها
المهاجرون يخوضون رحلات صعبة للوصول إلى حدود الولايات المتحدة . أرشيفية - تعبيرية
المهاجرون يخوضون رحلات صعبة للوصول إلى حدود الولايات المتحدة . أرشيفية - تعبيرية
"حموش" اسم لأحد المهربين الذين تواصل معهم أحد معدي التحقيق، وعرض تأمين الطريق كاملا من عمّان إلى الولايات المتحدة.
بعدها قال إنهم "يقدمون خدمات VIP واستلام وتسليم في جميع المطارات". لكن ذلك لم يعكسه واقع من خاضوا تلك التجربة أو من تحدثوا لموقع "الحرة" عن الأوضاع "الحالمة" التي يرسمها المهربون خلال استعراضهم "لخدماتهم".
وحدد "حموش" تكلفة الرحلة بـ 8 آلاف دينار أردني (حوالي 11 ألف دولار) لـ "كامل الطريق".
"حموش"، الذي يدير مجموعات عبر واتساب، شرح برسائل صوتية للأعضاء في المجموعات أن المبالغ التي يطلبها، غالبيتها تذهب لصالح تغطية تكاليف حجوزات الطيران والإقامة وحتى وجبات الطعام.
أما سبب ارتفاع التكلفة أيضا هو البحث عن "طرق مُؤمّنة" من المهربين المحليين في المكسيك، على حد تعبيره.
كما حذّر أعضاء المجموعات من أن اتباع "طرق غير مؤمنة" قد يعني" أخطارا جمّة" للراغبين في الهجرة.
خلال متابعة إحدى المجموعات على واتساب، لاحظنا شابا يحمل رقم هاتف مكسيكيا يقول إنه وصل للولايات المتحدة في رحلة كانت "سهلة جدا".
وكان يحث الشباب على الهجرة، وينفي وجود أي أخطار على الطريق.
وأكد أن فرصة الهجرة قد تعني الانتقال لمستوى أفضل من الحياة. في حين تستعرض قصة "فواز" واقعا مغايرا تماما.
تواصلنا مع هذا الشاب للحديث حول تجربته، والأسباب التي دفعته للخروج.
وليكشف لنا أن اسمه الحقيقي "أ. ف." ويزعم أنه يسكن في مدينة ريتشموند بولاية فيرجينيا الأميركية.
وبعد الإلحاح عليه لإجراء مقابلة معه للحديث عن رحلته.
كشف أنه هو نفسه "حموش".
وقال إنه ليس بـ "مهرب"، إنما هو "شاب يبحث عن حياة جديدة، ويقوم بتسهيل مهمة الوصول للشباب الآخرين إلى أميركا".
ووعد "حموش" بأن يتشاور مع محاميه بشأن ما إذا كان سيتحدث للإعلام من عدمه، وبعد الحديث مع شخص يزعم أنه "محاميه" تحدث إلينا مستخدما الرقم ذاته، قال إنه سيبحث مع موكله هذا الأمر.
المحامي (المزعوم) كرر الحجة ذاتها، "أن حموش ليس بمهرب إنما شاب يدل الشباب الآخرين على تجربة رحلته من الأردن إلى أميركا"، من دون إعطاء أي تفاصيل حولها، ولم يستجب بعدها "حموش" لاتصالاتنا.
وأكد في إحدى مكالماته "أن الأوضاع في الأردن تدفع الشباب، وهو منهم، إلى الهجرة"، وأن أن ما يقدمه هو فقط "خدمة للشباب".
لكن ما وصفها بـ "الخدمة" هي بالفعل شبكة واسعة من التهريب تتضمن رحلات وعبر مسارات عدة، كل منها لا تقل تكلفتها عن بضعة آلاف من الدولارات.
مسارات متعددة بخدمات "VIP"
شاب آخر كان من بين المروجين لرحلات التهريب عبر مجموعات واتساب وشبكة فيسبوك عرّف بنفسه باسم "الحربي"، وبجعبته رقم هاتف إمارتي للتواصل، تحدثنا معه، ليكشف عن مسار ثالث: عمّان- لندن – كولومبيا – بنما – نيكاراغوا.
وصف "الحربي" رحلة "خاصة" مشابهة لـ "خدمة الـ VIP" التي ذكرها حموش، تبلغ تكلفتها 7500 دينار أردني (أي ما يزيد عن 10500 دولار)، ومدتها 7 إلى 8 أيام.
وهي تشمل حجوزات الطيران بين الأردن ولندن ونيكاراغوا، وتأمين الطريق من نيكاراغوا للولايات المتحدة.
ولدى مواجهة الحربي بطلب مقابلة رسمية لـ"الحرة" معه برسائل عبر واتساب عن تنظيمه لرحلات هجرة غير شرعية، تغيرت ردوده.
وقال: "أخي نحنا بنطلع (نخرج) من نيكاراغوا إلى تيخوانا بطريق شرعي فقط، وأيضا لحاملي الجوازات التي تؤهلهم لدخول أميركا عبر البوابات الرسمية فقط".
ولم يتمكن "موقع الحرة" من التأكد مما إذا كانت هناك شركة مسجلة بالأصل، وما وجدناه لم يتعد صفحة باسم الشركة على "فيسبوك" من دون أي تفاصيل.
ماذا بعد الدخول للولايات المتحدة؟
"فواز"، الذي تحدث عن تفاصيل هجرته غير الشرعية لم يفصح عن الأسباب التي أدرجها في قضية اللجوء التي قدّمها مع ابنه.
وقال إنه تذرع "بوجود مشاكل لدي في الأردن"، وذكر مشاكل حقيقية ناجمة عن أسباب مالية دون الكشف عن أي تفاصيل إضافية.
ولم ينف فواز أن "قضية اللجوء قد تبقى عدة سنوات، يطمح من خلالها إلى ادخار ما يمكن ادخاره، ما يكفيه لإعالة عائلته في الأردن، ليعود لهم لاحقا".
"الجميع يعلم أن قضايا لجوء الأردنيين لا تقبل بالنهاية، وكل ما نحتاجه هو العمل سنتين أو ثلاث لحل مشاكلنا المالية"، يضيف.
تمثل قضايا طالبي اللجوء عموما 40 في المئة من عدد القضايا المعروضة على المحاكم في الولايات المتحدة، وهم ينتظرون في المتوسط أربع سنوات لتحديد أول جلسة استماع لهم وفق "معهد سياسة الهجرة" (إم آي بي).
الآلاف يتجهون في رحلات للهجرة غير الشرعية باتجاه الولايات المتحدة
مخاضات الهجرة في بلد المهاجرين
"هات المتعبين، والفقراء، والجموع التواقة لنسمات الحرية"
المحامي الشرنوبي، الذي يتمتع بخبرة تقارب العقدين في قضايا الهجرة، يشرح أنه لا تقديم للجوء في الولايات المتحدة إلا إذا كان هناك "اضطهاد حقيقي، بسبب الجنس، أو الدين، أو رأيك السياسي، التوجه الجنسي، أو أنك تعاني من التعذيب، أو تنتمي لمجموعة مقموعة داخل المجتمع".
والمعايير السابقة لا تنطبق على الأردنيين، وفق تعبيره.
ولذلك يتم "رفض" دعاوى لجوئهم، فغالبية القصص التي يتم التقديم بموجبها ويتم رفضها بأن شخص أردني مسلم "أحب فتاة مسيحية، أو شاب مسيحي أحب مسلمة، ويعاني من اضطهاد أهلها له، أو كانت لديه مشكلة مع أحد أقربائه"يضيف الشرنوبي.
وينفي الشرنوبي، ما أورده بعض الأشخاص الذين تحدث معهم موقع "الحرة" عن إمكانية الحصول على تصريح للعمل مباشرة على عكس ما يروج له المهربون.
"على فرض السماح بدخولك لتقديم قضية لجوء، لا تعني تقديمك لتصريح العمل مباشرة"، يوضّح.
هل حقق فواز "حلمه" في "أرض الأحلام"؟
وبعد تحقيق حلمه بالوصول للأراضي الأميركية، يصف فواز حالته وكأنه يعيش "في سجن كبير".
وأكد أنه مع تسجيله لقضية لجوء فإنه ليس بإمكانه العمل مباشرة، كما يدعي المهربون.
"المصاريف المالية هنا كارثية"، يقول فواز.
وبدلا من ادخاره المال أصبحت عليه ديون "تقارب الـ 10 آلاف دولار" خلال حوالي شهرين، ناهيك عن فراق زوجته وأطفاله الأربعة الآخرين الذين تركهم خلفه في الأردن.
"الأردن دولة آمنة، سالمة.. ولهذا اللجوء لمواطنيها للولايات المتحدة من أصعب قضايا اللجوء التي تقدم في أميركا"، على ما يشير الشرنوبي.
"احذر، احذر" قبل إقدامك على الانخراط في رحلة للجوء إذا لم تكن لديك أسباب حقيقية، ينبّه الشباب القادمين من الشرق الأوسط.
فطريق رحلة الهجرة "مليء بالمخاطر".
إذ سُجّلت حالات "قتل" لمهاجرين قادمين عبر دول أميركا الجنوبية، وهناك "إصابات لأردنيين في هذه الرحلات"، بحسب الشرنوبي.
إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) حذرت الراغبين بعبور مسارات الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة، أنهم قد يكونون "غير مؤهلين للحصول على اللجوء، في حال غياب الظروف القاهرة الاستثنائية" بموجب الأمر التنفيذي، الذي أصدرته إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في يونيو الماضي.
وقالت في رد على استفسارات موقع "الحرة" إن "المهاجرين قد يواجهون عواقب وخيمة، بما في ذلك الترحيل من الولايات المتحدة، أو المنع من دخولها مدة خمس سنوات، أو حتى عقوبات جنائية تبقى في سجلاتهم".
ولم تفلح محاولاتنا لحصول على رد من إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE).
وكان الرئيس ترامب قد تعهد بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في الولايات المتحدة.
ومنذ توليه منصبه في 20 يناير، زاد عدد المهاجرين الذين ترحلهم الولايات المتحدة إلى أميركا اللاتينية، عبر وسائل منها استخدام الطائرات العسكرية لرحلات الإعادة إلى الوطن.
1- تكثيف عمليات الترحيل الجماعي، التي قد تطال نحو 11 مليون مهاجر غير موثق، بحسب تقديرات وزارة الأمن الداخلي. وستبدأ العملية بالأشخاص المدانين جنائيا أو الذين وُجهت لهم أوامر نهائية للترحيل ولم يغادروا، ويقدر عددهم مجلس الهجرة الأميركي بـ1.19 مليون مهاجر غير قانوني، وهذا يعني أن قضاياهم شقت طريقها عبر محكمة الهجرة وقرر القضاة أنه يجب عليهم المغادرة.
ولم يتلق "موقع الحرة" أي رد من السفارة الأردنية لدى واشنطن أو الخارجية الأردنية أو المتحدث باسم الحكومة الأردنية عن استفسارات أرسلت لهم عبر البريد الإلكتروني وبرسائل ومحاولة الاتصال بهم حتى موعد نشر هذا التحقيق.