أسود الأطلس يستعدون لكتابة التاريخ

- فيما يتطلع العرب لحضور آخر لأسود الأطلس، في مراحل متقدمة من نهائيات كأس العالم 2022 في قطر، بعد خروج ثلاثة منتخبات عربية من دور المجموعات، تشكل مواجهة بطل 2010 المنتخب الإسباني في دور الـ16 هاجساً كبيراً لدى عشاق الكرة المغربية، ولكن مع وجود قسم كبير يولي ثقة كبيرة بأن يعبر زياش وحكيمي ورفقاؤهم في التشكيلة الحمراء إلى ربع النهائي متسلحين بالثقة والأداء القتالي الذي تميزوا به خلال مرحلة الدور الأول من المونديال.

 

من جانبه، تمنى المغربي مصطفى الحداوي، أحد صنّاع العبور العربي والأفريقي الأول إلى الدور الثاني في بطولات كأس العالم، أن يتفوق الجيل الحالي على منتخب 1986 ويذهب بـ«أسود الأطلس» إلى أبعد نقطة في مونديال قطر، حيث يستعد لمواجهة إسبانيا الثلاثاء، على استاد المدينة التعليمية.

 
 

وقال الحداوي: «جيلنا كان يضم لاعبين مميزين وصلوا إلى أوج العطاء، أما المنتخب الحالي، فهو يمتلك نجوماً مخضرمين شاركوا سابقاً في مونديال روسيا، وآخرين يشاركون للمرة الاولى».

 

 

وحقق المغرب نتيجة رائعة حتى الآن بتصدره بسبع نقاط مجموعة تضم كرواتيا وصيفة النسخة الأخيرة وبلجيكا المصنفة ثانية عالمياً، بقيادة أمثال حكيم زياش وأشرف حكيمي ونصير مزراوي.

يتابع الحداوي، صاحب التجربة الغنية في الملاعب الفرنسية مع أندية سانت اتيان، ونيس، ولنس وأنجيه: «تأهل المنتخب الحالي إلى ربع النهائي سيصب لمصلحة كرة القدم المغربية. لقد تأهلوا عن جدارة واستحقاق والتاريخ سيشهد لهم».

وبحال تخطي إسبانيا بطلة 2010، سيلاقي المغرب الفائز بين البرتغال وسويسرا.

يصف الحداوي المواجهة أمام إسبانيا بـ«الصعبة ضد منتخب شاب في طور التكوين ولديه مستقبل باهر»، لكنه يعتقد أن «الحظوظ تبدو متساوية نظراً لوجود لاعبين في الطرفين يلعبون في أكبر الدوريات الأوروبية».

يقول الحداوي (61 عاماً): «أثبت المنتخب المغربي أنه لم يتأهل بالصدفة. وصل بعدما تصدر مجموعته بامتياز، وأمام منتخبات قوية جداً». يرى أن المؤشرات كانت مبشرة منذ البداية، «كنت متفائلاً، رغم وقوعنا في مجموعة صعبة مع بلجيكا وكرواتيا وكندا، كان لدي ثقة بأن يكون التأهل من نصيبنا».

أول المؤشرات المميزة، بحسب الحداوي، كان تغيير المدرب وحيد خليلودجيتش الذي أدى خلافه مع زياش إلى اعتزال الأخير دولياً قبل أن يعود عن قراره بعد إقالة البوسني وتعيين المدرب الوطني وليد الركراكي.

ويعد الحداوي أن «المغرب، أثبت أن لديه علو كعب في مجموعته، بفضل منظومة متميزة جداً من الحارس إلى الدفاع وصولاً إلى الوسط والهجوم... يتميز المنتخب بالاستحواذ العالي وصناعة الفرص العديدة، برهن أنه منتخب يتمتع بمستوى رفيع».

يرى الحداوي أن الركراكي القادم من تدريب الوداد البيضاوي كان صاحب اليد الطولى في البصمة الحالية، وأثبت أنه «مدرب ذكي رغم اكتشافه لنفسه في تدريب المنتخبات للمرة الأولى، ورغم تسلمه مهامه قبل فترة وجيزة جداً لا تتجاوز الثلاثة أشهر من انطلاق المونديال».

ويشيد الحداوي بنجاح المدرب الشاب في التواصل مع اللاعبين وإعادة زياش ومزراوي إلى المنتخب، فضلاً عن زرعه الثقة في نفوس اللاعبين وإدارته الجيدة للمباريات من خلال استراتيجية مسبقة وضعته على قمة المجموعة الصعبة.

وفي تعليقه على قول الركراكي بعد التأهل: «لماذا لا نحلم بالفوز بكأس العالم؟»، يقول الحداوي: «من حق الركراكي أن يطمح، وهو على صواب، لأنه رأى فريقه يقدم أقوى العروض ويلعب باستراتيجية ومنظومة من مستوى عالٍ وبوجود لاعبين متمرسين وشباب قادرين على مقارعة أقوى المنتخبات».

ويتابع: «إسبانيا التي أبهرت الجميع أمام كوستاريكا في المباراة الأولى، لم تقدم المستوى المتوقع منها أمام ألمانيا واليابان، لذا فالحظوظ متساوية».

ويختم الحداوي: «سر النجاح يكمن بأن يكون المنتخب في يومه، ذهنياً، تكتيكياً، وتقنياً، وأن يلعب بقتالية ورجولة».

ورغم الوقوع مع إسبانيا، تمنى الحداوي مواجهة مع ألمانيا للثأر من خسارة منتخبه في مونديال المكسيك 1986 عندما تصدر مجموعته أيضاً، أمام ألمانيا الغربية بالذات في الوقت القاتل من الدور الثاني بهدف حمل توقيع لوتار ماتيوس من ركلة حرة أساء تقديرها الجدار البشري.

يقول الحداوي الذي شارك أيضاً في مونديال 1994: «نعم، تمنيت مواجهة ألمانيا للثأر من الخسارة المُرّة جداً في الدقائق الأخيرة. كنا ننتظر وقتها أن نذهب إلى شوطين إضافيين بعدما قدمنا أداءً جيداً بوجود جيل من اللاعبين الأسطوريين في الكرة المغربية».

يذكر أن وليد الركراكي المدير الفني للمنتخب المغربي لكرة القدم أكد في تصريح سابق أنه «لا يوجد ما يمنع الفريق بأن يحلم بالتتويج بلقب المونديال».

ولدى سؤال الركراكي عما إذا كان يحلم بقيادة المنتخب للتتويج بلقب كأس العالم، رد قائلاً خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب المباراة: «نعم سنواصل التنافس في هذه البطولة كما بدأنا، كما قلت لأشرف حكيمي عندما ذهبت إلى باريس للالتقاء به، علينا أن نحدد هدفاً ونقدم كل ما لدينا وأن نتجاوز مرحلة المجموعات».

وأضاف: «الآن عندما حققنا ذلك، لمَ لا نحلم بالتتويج بكأس العالم؟ لطالما قلت إن علينا أن نغير عقليتنا ولا نتوقف عند مثل هذا الحد، أحترم الجميع لكننا وجهنا رسالة مفادها أننا رقم صعب للجميع».

وتابع: «لِم لا نحلم بالفوز بكأس العالم؟ في النهاية يجب على الأفارقة أن يكون لديهم هذا الحلم وأن يثقوا في أنفسهم، لقد لعبنا أمام كرواتيا وخرجنا بتعادل مستحق، وفزنا على بلجيكا وكندا».

وأضاف: «بالتالي أظهرنا أننا فريق رائع وسنركز على كل مباراة على حدة، لن نفقد توازننا، سنستريح الآن ونتخلص من الإجهاد، ثم نواصل العمل، وبمقدورنا أن نحقق إنجازات رائعة إن شاء الله».

وعن الرسالة التي وجهها للاعبيه عندما جمعهم عقب نهاية المباراة، قال الركراكي: «قلت لهم إننا حققنا إنجازاً رائعاً، علينا أن نستريح ونفخر بذلك، لقد أفرحنا الكثيرين لكن علينا ألا نتوقف الآن». وأضاف: «دوري الآن أن أتمسك بالواقعية وأبقي قدماي على الأرض، لأن ما نمر به يأتي مرة كل أربع سنوات، وربما لا تأتي لنا مثل هذه الفرصة مجدداً، وبالتالي علينا تقديم أفضل ما لدينا لشعبنا وبلادنا، يمكن أن نفرح الآن ولكن غداً علينا أن نبدأ من جديد ونمضي قدماً».

وأضاف الركراكي: «المشاركة في كأس العالم، كما تعرفون، هي أمر هائل، أنا كنت لاعباً في المنتخب الوطني، ولكن لمْ أحظَ بفرصة اللعب في كأس العالم، حاولت مرتين لكنني لم أحصل على الفرصة، الله منحنا هذه الفرصة الآن ومنحني إياها كي أخوض التجربة كمدرب وأصنع التاريخ، أنا أسعد شخص على وجه الأرض».