نور الدين نديم
مع اقتراب الاعلان عن نتائج الثانوية العامة سيسدل الستار على مرحلة القلق والرعب من "بع بع التوجيهي"، لتبدأ بعدها رحلة القلق والتوتر من توفر القبول الجامعي واختيار التخصص ضمن الممكن والمتاح وليس ضمن رغبة الطالب وحاجة سوق العمل، لتتجلى عقدة الدراسة الجامعية لأجل الدراسة والحصول على شهادة "البكالوريوس" كبرستيج اجتماعي فقط.
هذه التراجيديا التي تتكرر كل عام منذ عقود أوصلتنا إلى حالة من الركود في العديد من التخصصات الجامعية واتساع كبير في رقعة البطالة تستدعي منا وقفة جادة وقرارات جريئة بتعديل استراتيجياتنا الوطنية في التعليم وإصلاح منظومتنا التعليمية لضمان تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل من جهة ولتهيئة أبنائنا الطلبة للتعامل مع أمورهم الحياتية بعقلية انتاجية ابداعية من جهة أخرى.
ولن نستطيع تحقيق ذلك الا من خلال أمرين، أولهما صناعة المعلم بإعداده وتأهيله بما يتناسق ويواكب التطور والحداثة التقنية، لتمكينه كناقل وصانع وصاقل للمعلومة والفكرة والمهارة نفسيا وماديا.
وثانيهما تطوير المناهج بمحتواها ومبناها لتكون أكثر قدرة على البناء المعرفي والمهاري لأبنائنا الطلبة بقالب تكنولوجي يتوافق وقدرات ومهارات الطلاب لتجعلهم يتقبلونها ويقبلون عليها بحب واقتناع.
إننا ندرك تماما حجم التحديات المادية الكبيرة التي تحول دون رغبتنا في التطوير والتحديث، لكن مالا ندركه هو تراجع حركتنا باتجاه ايجاد موارد وبدائل لسد العجز وتوفير النفقات، لتطوير البناء المدرسي وبنيته التحتية لزيادة طاقته الاستعابية لتوفير بيئة تعليمية آمنه.
إن ما يحدث على أرض الواقع من إزدحام في المدارس الحكومية ونقص في الكوادر التعليمية وتوسع في التعيين على حساب التعليم الإضافي يقرع ناقوس الخطر ويدعونا للمسارعة في إجراء مراجعة شاملة لمنظومة التعليم واتخاذ خطوات جادة لتقليل الخسائر ومواكبة التطور ووضع تصور واضح المعالم وقابل للتطبيق لتحديث وإصلاح منظومتنا التعليمية بنظرة شمولية متكاملة.