كتب الدكتور عبدالله الطوالبة مقالا يتحدث فيه عن الاسباب الحقيقية لمرض الصحافة الاردنية الورقية.
وتاليا نص المقال:
داعب صاحب الدولة الصحافة الورقية بكلمتين حلوين، على رأي أشقائنا المصريين. ولكن أجزم أن ليس بمقدوره أن يفعل لها شيئا يوقف تسارعها، على طريق مصيرها المحتوم. لماذا؟
الصحافة الورقية يا صاحب الدولة، تعاني من أمراض تسببت بعلل تراكمت على مر السنين، فأصبحت عصية على العلاج. وفوق ذلك، فإنها تواجه اليوم تحدياً وجودياً فرضته عليها تحولات العصر، لا أظنها قادرة على مواجهته.
لنبدأ بأمراض الصحافة الورقية، في بلدنا، وأولها إن لم يكن أخطرها، فقدان ثقة المواطن بها، لأسباب كثيرة أرى بعضها فاقع الوضوح ويتعلق بالمضامين. وكم بودي لو يُعد استطلاع للرأي العام الأردني، من قبل جهة محترفة ومحايدة يتمحور حول نظرة المواطن الأردني للصحافة الورقية. أجزم من دون تردد، أن النتائج ستكون محبطة للمتنفعين ب"البراشوت". هذا التعبير، ونعني البراشوت، يحيلنا الى المرض الثاني، وقد زرعته في جسد الصحافة الورقية الحكومات المتعاقبة، خلال عقود مضت، ونقصد التنفيع. فكم من مسؤول هبط على الصحافة الورقية فجأة مع أن علاقته بالصحافة أقل من "سكر خفيف"؟! وكم من رئيس تحرير، تم فرضه على هذه الصحيفة أو تلك، لأسباب تعلمها جيداً الحاجة أم طحيمر، وفي الصحيفة ذاتها مؤهلون أكثر منه لشغل هذا الموقع، على صُعد المهنية والثقافة والسلوك؟!
المرض الثالث، ويتعلق بالفشل الإداري، وخاصة في الجانب المالي. هذا المرض تتحمل مسؤوليته إدارات الصحف ذاتها، وعلى وجه التحديد الهياكل الإدارية الثابتة، التي كانت تتصرف من دون رقيب أو حسيب وبلا مراجعة وتدقيق.
وكي لا نطيل، نذكر بتحدي الانترنت للصحافة الورقية. فلم تعد هذه الصحافة تعني شيئاً للأجيال الشابة، التي أصبح الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من حياتها. مختصر القول في هذا الجانب، الصحافة الورقية باتت شيئاً من الماضي بمعايير العصر وتحولاته، على صعيد تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وعليه، يا صاحب الدولة، ومع التقدير لعواطفك تجاه الصحافة الورقية، فليس بمستطاعك أن تفعل لها شيئاً. هذه الصحافة، تلعب في الربع الأخير، من العمر الذي منحه لها التاريخ. ولم يخبرنا التاريخ بعد عن أي محاولة لمعاندة مساره ومعاكسة اتجاهه، لم يكن مصيرها الخسران.