تجربة الباص السريع

 

 

تسعى أمانة عمان الكبرى الى تطوير نظام النقل ورفع كفاءته بما يرقى الى طموح المواطنين ، ذلك بالعمل على تحديث مخرجات المخطط الشمولي لإستراتيجية النقل العام لتحديد الانماط التي تحتاجها وفق نظام عصري متكامل يلبي إحتياجات سكان العاصمة عمان وزائريها في الحركة والتنقل مراعاة للخصوصيات الإقتصادية والإجتماعية للمدينة وطبيعتها الجغرافية ، حيث ان هذا النظام الجديد ، والذي يشكل الباص السريع عنصرا أساسياً منه ، سيضمن استدامة المدينة ونموها وازدهارها وتطورها وسيساهم في تحقيق الرؤية المنشودة في مدينة منظمة وقابلة للحياة العصرية .

 

ان فكرة " الباص السريع  Bus Rapid Transit "جاءت بالأساس لاستحداث أول نظام نقل عام سريع ومرن ومتكامل لمدينة عمّان يوفّر خدمة سريعة وآمنة وذات اعتمادية عالية ، وهو نظام قائم على النقل الجماعي ، تم تصميمه بشكل خاص ، يعتمد على حافلات ذات سعة كبيرة تسير على مسارب مخصّصة وتقدم مستوى عال من الخدمات ،  ، حيث تتلخص فكرة "الباص السريع" في الدمج بين الباص والمترو ، عبر تخصيص مسارات معينة للحافلات ، تسير فيها وتقطع الطرق الرئيسية إلى وجهتها ، وفق مسار موجه ومنظم يعتمد على نظام كفؤ ، دون الاضطرار إلى الالتزام بالمسارات العامة ، وبخدمات وبنية تحتية محددة ، ما يساعد المواطنين التخلص من حالات التأخير عن اشغالهم واعمالهم وضروراتهم ، حيث يسير بترددات عاليه ، كما ويشمل النظام أيضاً محطات حديثة متكاملة ، ذلك ان تصميم نظام الباص السريع لمدينة عمّان لا يتمّ بشكل منعزل ، إذّ أنه يشكّل جزءاً من شبكة نقل عام متكاملة وهرمية ، فالمواطن الذي يريد الذهاب من منزله إلى مكان عمله قد تتطلب رحلته أكثر من واسطة نقل واحدة ، ما يستهلك وقتا وجهداً وارهاقاً إضافي ، كما فإنّه سيتم إلى جانب تصميم نظام الباص السريع إعداد شبكة واسعة من الوسائط المغذيّة والتي ستكون على شكل حافلات عادية أو مركبات أصغر، والهدف من هذه الشبكة هو إيصال الركّاب إلى أقرب محطّة باص سريع وفي أسرع وقت وذلك للتقليل من فترة الانتظار ولتوفير خدمة سلسة ومريحة.

 

لقد كان أول استخدام لنظام "الباص سريع التردد" بالعالم في مدينة كوريتيبا في البرازيل عام ١٩٧٤ ، وانتقلت التجربة التي حققت نجاحات كبيره الى الكثير من دول العالم ، اما نحن هنا في الأردن فقد تم تدشينّها حديثاً في المرحلة التجريبية ، حيث واجهت هذه التجربة "الباص السريع" في عمان ، وبسبب كون التجربة وليدة وغير معتادة ، بعض الصعوبات في المرحلة التجريبية ، معظمها بسبب عدم استيعاب المواطنين لطريقة عمل المشروع ، وقد اثارت قلق وسخرية وتأييد وانتقادات ، وبدا ذلك واضحاً خلال الأيام الأولى من المرحلة التجريبية والتي رافقها خطاب اعلامي موجه من امانة عمان مضمونه توجيه المواطنين للتخلص من المعاناه الحاصلة جراء أزمة الازدحامات المرورية الخانقة ، اذ يتوقع ان يعتمد المواطنون على هذا المشروع بعد اكتماله يومياً ليصبح الشريان الرئيسي للنقل اليومي في مدينة عمان من أجل التفلّت من الزحام اليومي الخانق في الطرق العادية ، حيث سيمتاز بسرعته ، ومواعيده الدقيقة الصارمة، التي سيوفره نظامه المغلق عن بقية المسارات المرورية العالقة في الازدحامات .

 

الجدير بالذكر أن مشروع "باصنا السريع" في الأردن بدأ العمل بنيته التحتية منذ أكثر من ١١ عاماً ، حيث ان فكرة الباص السريع الرائدة هذه من الممكن أن تساهم بشكل حقيقي في حل الأزمة المرورية، مع فهم قوانينها وطريقة عملها، واكتمال مراحلها، واعتياد المواطنين على التعامل معها ، بعد فترة انتظار دامت ١١ سنة ، بتكلفة ووصلت إلى حوالي أكثر من ٩٠ مليون ديناراً ، ونحن في الأردن الدولة الثانية في الشرق الأوسط بعد تركيا، التي تسعى إلى تطبيق نظام الباص السريع في محاولة لمواجهة أزمة الازدحام المروري الخانقة ، كما سبق وأسلفت ، حيث أن التشغيل الكامل للمشروع سيكون بعد انتهاء أعمال البنية التحتية بين عمّان والزرقاء، في نحو الربع الأخير من عام ٢٠٢٣.

 

ان هذا المشروع الحيوي والاستراتيجي للنقل العام في العاصمة عمان ، يعتبر منجزا وطنياً ملموسا يلبي احتياجات المواطنين بوسائل نقل عام آمنة ومريحة تحفظ كرامات الناس ، بكفاءة عالية في التشغيل وتعزز ثقة المواطنين بقطاع النقل العام الذي يحظى بأولوية قصوى في عمل وخطط الحكومة الأردنية الهادفة إلى الارتقاء بمستوى خدمات النقل العام.

 

واخيرا ، فنحن نحتاج الى اعادة ثقة المواطنين بقطاع النقل العام اضافة لتعزيز الثقافة المرورية الجديدة من خلال تشجيع الناس على ركوب "الباص السريع" واعتماده كوسيلة نقل لما له ألاثر البارز في التخفيف من معاناة المواطنين بسبب الأزمات المرورية ، ذلك بعد استكمال مرحلتيه في عمان من خلال التقليل من استخدام الحافلات الخاصة واعتماده كوسيلة اساسية لحركة الركاب وتنقلهم.

والله ولي التوفيق