التعلم عن بعد... كسلوك مستمر د. أميرة يوسف مصطفى

يبدأ الفصل الدراسي  الأول  في مدارس المملكة خلال الأيام القادمة  بسيناريو التربية والتعليم والتعليم العالي  وبالتنسيق مع وزارة الصحة ممثلة بلجنة الأوبئة  وأيضا مع خلية الأزمة والقوات المسلحة  والأجهزة الأمنية،  وتنظر وزارة التربية والتعليم إلى تحقيق  أفضل تباعد جسدي للطلبة  بتوزيع الساعات الدراسية بين التعليم عن قرب  والتعليم عن بعد،  وربما سيتم  التركيز على المواد الرئيسية  كالرياضيات واللغة الإنجليزية واللغة العربية والمواد العلمية  في أن يكون أغلبها أو جميعها  في المدرسة بناء على سيناريوهات التباعد الجسدي بينما سيتم التعليم لنسبة من المواد والأكاديمية الأخرى كمواد تدرس من خلال المنصات الإلكترونية والقنوات التلفزيونية  عن بعد وهذا يحقق وجود عدد أقل من طلبة الصف  ويعمل  على تحقيق سيناريوهات الجهات المختصة بتحقيق تباعد جسدي  يقلل من مخاطر وجود إصابات وبائية من فايروس  كوفيد 19، وبناء  عليه فإن على وزارة التربية ووزارة التعليم العالي أن تكونا في حالة جاهزية للتعلم عن بعد وذلك  بالارتقاء بالتقنيات المتوفرة وتوفير تقنيات جديدة والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة والتطبيقات الأحدث التي يتوصل اليها  كبار مستخدمي التقنيات الحديثة. وأيضا العمل على تدريب  المعلمين والمعلمات والطلبة في أوقات مختلفة على استخدام هذه المنصات والقنوات وإيجاد أسواق محلية تنافسية تقدم منتجا تعليميا  يضمن الفعالية في  تحقيق الأهداف  والتقييم، إذ يكون التقييم  انعكاسا حقيقيا لمستوى الطلبة. ويمكن في بداية التدريس عن بعد خلال الفترة القادمة القريبة أن يتم اعتماد التقييم في المدرسة بضمان التباعد الجسدي؛ وهذا يمكن تحقيقه بإجراء الامتحانات  على مدار اليوم وعلى دفعات.

   إن جائحة كورونا قد ساهمت بنسبة عالية جدا في التسريع   للانتقال  بالتدريس عن بعد في المدارس والجامعات لكن المخرجات كانت مشوهة نتيجة السرعة في هذا الانتقال،  فالأجهزة والتطبيقات غير مهيئتين بالشكل  المناسب والإمكانيات الفردية غير متكافئة وربما أن الحالة المثالية تستوجب وجود أجهزة موحدة  وذات سوية تقنية واحدة  لأن الطالب الفقير ليست لديه ذات الإمكانيات كالطالب الغني  ويقع ذلك على عاتق الدولة في أن تقوم بضمان تحقيق ذلك، لأن أي اختلاف في المدخلات التقنية سينتج  تقويما غير مطابق للواقع ويساهم في وجود عيوب في العملية التعليمية، ولذلك على الحكومة أن تعمل على تخصيص موازنات خاصة تدعم التعلم الرقمي على مدار السنوات القادمة وذلك من خلال ضمان  تشابه اللوحيات والحواسيب التي يجب أن تتوفر للطلبة، كما تضمن القيام  بتدريبهم على استخدامها  لتحقيق أفضل فائدة وطبعا  سيتم  تقويم تحقيق الأهداف من خلال الامتحانات التي يجب أن يتم دراسة تحقيقها بحيث تمثل الصورة الحقيقية لواقع الحال.

    وهذا يتطلب في كل مجالات التعلم عن بعد أن يكون  مستمرا حتى وإن انتهت جائحة كورونا  ليتلاءم مع مستقبل التعليم الذي  يتجه إلى التعليم عن بعد  وإيجاد آليات  عادلة للتقييم، وانتهاج السلوك الذي يتناسب  مع  انتقال التعليم من  استخدام المدارس  والغرف الصفية إلى ممارسته  عبر الشبكة العنكبوتية من خلال المنصات الإلكترونية والتطبيقات التي  يجب أن تتنافس  شركات الكمبيوتر  لإنتاج  المدارس الإلكترونية،  وربما سيكون  المردود السلبي  لهذا السلوك  عدم الحاجة للمعلم، ولكن ما يعزز الحاجة للمعلم هو أن ينتقل دور المعلم إلى تقديم منتج تعليمي عن بعد أو عن قرب  بالتتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والجهات ذات العلاقة، ومتطلب ذلك عدم القفز إلى التعليم عن بعد بشكل مفاجيء بل توفير أدوات الانتقال بشكل مرحلي.