مدراسنا في ظل كورونا .. فرصة للتغير الإيجابي عمر عليمات

لا يفصلنا عن بدء العام الدراسي سوى أسبوع واحد، والمؤكد حتى الآن أن دوام المدارس في موعده دون تغيير، مما يرفع منسوب التساؤلات والقلق حول مدى قدرة مدارسنا من حيث المبدأ على تطبيق البرتوكولات الصحية والإجراءات الاحترازية والتباعد الجسدي.

العديد من المدارس خاصة في المدن الرئيسية تعاني منذ سنوات طويلة من مشكلة اكتظاظ الغرف الصفية بعدد طلاب يزيد عن 45 طالباً في بعض المدارس، وما يرافق ذلك من سلوكيات مختلفة وتفاوت بين مستويات الوعي لدى الطلاب، خاصة وأن العام الدراسي يتزامن مع فترة الانفلونزا الموسمية، الأمر الذي يرفع من عامل الخطورة ويضع الجميع أمام سيناريوهات صعبة في حال ظهور إصابات بفيروس كورونا في أي من مدارس المملكة.

لسنا في وارد التشكيك بإجراءات وزارة التربية والتعليم، ونفترض أن الوزارة أخذت في الاعتبار كافة السناريوهات والتوقعات المحتملة وخطط التعامل معها، إلا أننا اليوم أمام تحدٍ غير مسبوق، فالواقع يؤكد بأن مدارسنا الحكومية تعاني من مشاكل كبيرة تتعلق بالبنية التحتية وخصوصاً في المناطق الأقل حظاً ناهيك عن كفاية المرافق الصحية في كل مدرسة، وهذه المشاكل لا يمكن حلها اليوم بمجرد تطبيق بروتوكول وإجراءات محددة.

الوضع الحالي يفرض علينا أن نتعامل معه بنوع من الحكمة بعيداً عن الاتكاء كثيراً على موضوع البرتوكولات والإجراءات، فنحن نتعامل مع فئة ما زالت معتمدة بشكل كلي على مدى تفهم الأهل ومدى قناعتهم باتباع التعليمات الصحية، فكل طالب سيأتي للغرفة الصفية ومعه قناعات أهله ومحيطه الاجتماعي، هذا بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية لكل أسرة ومدى قدرتها على توفير مستلزمات التعقيم والنظافة الشخصية لأبنائها، لذلك ورغم أن الوقت لم يعُد يسمح بالكثير من العمل فإن الخيار الأفضل هو تخصيص أول أسبوع من العام الدراسي للتوعوية والتثقيف، وعدم اقتصار الموضوع على المعلمين بل إشراك وزارة الصحة لتقديم محاضرات يومية في مدراسنا لتوعية الطلاب ورفع مستوى وعيهم بخطورة الوضع الصحي، هذا إلى جانب إطلاق حملة توعوية موجهة للطلاب، بشكل يؤثر فيهم فعلياً، فالوسائل التوعوية الخاصة بالأهالي تختلف منهجيتها وأساليبها تماماً عما يفترض أن يوجه للصغار.

بعيداً عن الأزمة الحالية فإن وزارة التربية والتعليم أمامها فرصة ذهبية للعودة بشكل قوي إلى دورها الرئيسي وهو التربية أولاً، من خلال تضمين اليوم الدراسي حصص محددة تتعلق برفع مستوى الوعي وصولاً في فترة لاحقة إلى وضع منهاج مدرسي يتعلق بالسلوكيات الإيجابية واخلاقيات التعامل، وإن يحتسب معدل هذا المنهج ضمن الدرجات المدرسية لضمان عدم الاستهتار به، فإذا أردنا أن نؤثر في المجتمع ونصحح بعض السلوكيات الخاطئة علينا أن نبدأ من المدرسة أولاً.

باختصار الدول التي أثرت في مجتمعاتها بشكل إيجابي بدأت من تربية طلاب المدارس على كيفية دخول الغرفة الصفية بشكل منظم ومنضبط، وعززت مفاهيم المسؤولية الاجتماعية بين طلابها، وما ينسحب على هذا السلوك ينسحب على واقع الحياة بمجملها.